IMLebanon

زيارة علي شمخاني والفراغ الرئاسي

استوقفت بالأمس زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني للبنان كثيرين، خصوصاً وأنّ الرّجل تسلّم ملفّ العراق بعد إزاحة قاسم سليماني، وأنّ شمخاني أنجز تنحية نوري المالكي عن المشهد السياسي العراقي منهياً باستبعاده أزمة كبرى كادت تطيح بالنفوذ الإيراني فيه، إضافة إلى أنّ حقبة شمخاني أعادت الحرارة المباشرة إلى خطّ الاتصال الأميركي ـ الإيراني، وأعادت كذلك شيئاً من التفاؤل بعودة التنسيق السعودي ـ الإيراني بعد اجتماع وزيريْ خارجيّة البلديْن في نيويورك، مع ما تلا ذلك من بعض التفاؤل بأن أول ترجمة لعودة التقارب هذا ستحلحل الوضع المعقّد في لبنان، ونذهب باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية؟

لأوّل مرّة تتحدث إيران عن «الحوار» في تصريح شمخاني: «هناك عبارة واحدة يعلق عليها الجميع آمالهم وهي أن الحوار هو الطريق الوحيد»، ولأوّل مرة تُبدي رغبة «عمليّة وسريعة» في دعم الجيش اللبناني: «إيران قررت أن تقدم هبة عربون محبة وتقدير للبنان ولجيشه الباسل وهي عبارة عن بعض التجهيزات التي تساعد هذا الجيش في المواجهات البطولية التي يخوضها ضد الإرهاب الآثم، وطبعاً هذا الوعد ليس طويل الأجل وإنما ستقدم هذه الهبة بشكل عملي خلال زيارة رسمية يقوم بها وزير الدفاع إلى إيران لتسلمها بشكل رسمي».

هل طرأ تغيير ما على الخطاب الرسمي الإيراني؟ فبالرّغم من أنّ شمخاني التقى بأمين عام حزب الله حسن نصرالله ـ ونرجّح أن يكون أبلغه إعلان قرار انسحاب حزبه من سوريا ـ ومع هذا لم يذكر شمخاني كلمة «المقاومة الإسلاميّة» بل تعاطى بصورة واضحة مع «الدولة اللبنانيّة»، وهذا ـ إن صحّ وصدق أمرٌ سيرحّب به اللبنانيّون، خصوصاً وأن أكثر من نصف الشعب اللبناني يرفض الدور الهدّام الذي لعبته إيران طوال ثلاثة عقود عبر تسليح فريق لبناني يعتبر نفسه فوق الدولة والقانون والجيش، فهل هذه هي آثار «كفّ يد» قاسم سليماني عن «الملفّ العراقي»، ولبنان قطعاً مرتبط بهذا الملفّ لأنه جزء من سياسة «القوس الشيعي» الذي انكسر بفعل «صلف» القائمين على الدّور الإيراني في المنطقة، وما حديث شمخاني عن «الجغرافيا» التي تفصل بين لبنان وإيران إلا تغيير في حديث سابق يعتبر أن لإيران حدود على البحر المتوسط من لبنان!!

وهنا، لا بُدّ لنا من استعادة قراءات عدّة وجدت في تسلّم علي شمخاني للملف العراقي تبييض للصفحة الإيرانية في اتجاهات متعدّدة، فالبعض رأى أنّ دور شمخاني في ملفّ العراق كان «انتقال العراق من موقع التابع العسكري لإيران إلى موقع الملف الأهم بالنسبة للأمن القومي الإيراني، الأمر الذي استوجب تنحية خطط قاسم سليماني السابقة وإعادة رسم المخططات الإيرانية سياسياً وعسكرياً في البلاد وتسليمها لمنفّذين جدد»، فيما اعتبر آخرون ومنهم موقع الإصلاحيون الإيرانيون أنّ «طهران قررت تحجيم دور قاسم سليماني وأن الأميرال علي شمخاني تسلم كل ملفات المنطقة من قائد فيلق القدس للانفتاح على الجوار العربي»، خصوصاً وأن لشمخاني علاقات وديّة مع السعوديّة منذ حقبة الرئيس الأسبق «محمد خاتمي» حيث شغل شمخاني منصب وزير الدفاع، وهو حائز على «وسام الملك عبدالعزيز» تقديراً لجهوده.

حتى الجانب الإسرائيلي توقّف عند شمخاني وتصدّره الصورة الإيرانيّة الجديدة، فاعتبر تقرير نشره موقع «ديبكا» الاستخباري الإسرائيلي أنّ «شمخاني يهيئ الأجواء الجديدة داخل إيران، وأنّ واشنطن تفاعلت سريعاً مع تعيينه، والتواصل الأميركي مع طهران يتمّ عبر شمخاني قبل وزير الخارجيّة الإيراني».

ومع هذا، كان للمتشددين الإيرانيين المهدويين رؤاهم وهلوساتهم الخاصة بعلي شمخاني، ولسبب بسيط وهو أن والده يحمل اسم «صالح»ـ راجع www.almontaqem.comـ  وهذه الهلوسة سبق وأُسقطت المهدوية على الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، في تكرار لـ»حكاية عنوانها: «اليماني والخراساني والسفياني»، إذ يعتقدون أن اليماني هو الخميني والخراساني هو ال?ام?ئي، وشعيب بن صالح هو علي الشمخاني!!