لبنان.. وسياسة «العصا والجزرة» الدولية
زيارة بان كي مون في ميزان المخاوف
ينهال الدعم المعنوي على لبنان، مترافقا مع وعود متزايدة بدعم مادي. يفعل المجتمع الدولي ذلك، لا تصديقا لفرادتنا وتجربتنا و «رسالتنا»، انما حرصا على ابقائنا «مستودعا» للاجئين. يكشف العالم في مواقفه، عنصرية وتمييزا انسانيا واخلاقيا يناقضان كل الاقنعة الانسانية التي يحاول لبوسها. فنحن، سواء كنا لبنانيين او سوريين او فلسطينيين، علينا أن نبقى مجموعين في بقعة واحدة، درءا لاخطار عنفنا من جهة، ولكلفة لجوئنا وتداعياته على كل المستويات من جهة اخرى، وتجنبا لتأثيراتنا السلبية على المجتمعات المضيفة.
قد يكون السوريون اليوم في طليعة المرغوب بإبقائهم حيث هم في لبنان بعد ان سبقهم الى ذلك الفلسطينيون، ولا بأس ببعض فتات المساعدات للمضيف والضيف، والتي مهما بلغ حجمها، تبقى اقل مما قد تتكبده الدول في حال شرعّت ابوابها للهاربين قسرا من جحيم بلادهم. وفي هذا السياق تتقاطع المعلومات لتؤكد ان هذا هو الهدف الاساسي لحرص الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على زيارة لبنان. صحيح، يقول نائب في «التيار الوطني الحر»، ان «زيارة بان كي مون تعكس اهتماما أمميا بلبنان، ويمكن أن تؤكد النية الدولية بالحفاظ على استقراره السياسي والامني، الا انها ايضا يمكن ان تكون ضغطا لتحميل لبنان اعباء تفوق قدراته».
يضيف: «نحن نرحب بكل زيارة تعيد وضع لبنان على خارطة الاهتمامات الدولية، ونتمنى ان تنجح في أن تنقل صورة دقيقة عما يتخبط فيه هذا البلد نتيجة الانخراط السلبي للدول في شؤونه، عوض ان تكون مسهلة ومساهمة للحلول فيه. ونحن نراهن على ان يلمس الامين العام للامم المتحدة الواقع المأساوي للنازحين السوريين، كما لمضيفيهم اللبنانيين. فآثار النزوح السوري تضغط على الواقع الاقتصادي اللبناني بشكل كبير، ولا شك أن ذلك ينعكس على الواقع الاجتماعي كما على الواقع الامني والسياسي». يشدد النائب على ان «لبنان يغرق بديونه، وبالتالي يحتاج الى من يمد له يد العون في هذا المجال، لا العكس. اما قواه العسكرية فتواجه الارهاب والتطرف على الحدود، وهي تكافحه في الداخل للقضاء على اي خلايا له. وسواء شئنا أم أبينا، فان ازدياد عدد النازحين السوريين يرتب اعباء أمنية شأنه شأن اي عدد آخر، ناهيك عن كل الاعباء الاخرى».
لكن تبقى زيارة بان كي مون وصحبه مرحبا بها ومطلوبة بالنسبة الى النائب. فهي، برأيه، «تؤكد ان العالم لم يسقطنا نهائيا من حساباته، حتى لو لم تكن حساباته تلك تتطابق مع بيدر هواجسنا».
في موازاة ذلك، يتوقف سياسي وسطي عند «مرافقي» الامين العام للامم المتحدة، خصوصا رئيس البنك الدولي ورئيس البنك الإسلامي. يقول إن «الخوف هو في أن يتم التعاطي معنا على قاعدة الجزرة والعصا. فنحن لا نحتاج الى دروس اخلاقية وانسانية في التعاطي مع موضوع النازحين. سبق لنا كشعب أن اختبرنا التهجير والهجرة والخروج القسري من البيت والوطن. ومعظمنا لا تزال ذاكرته حيّة. لكن واقعنا، وواقع اللاجئين السوريين، الاجتماعي والاقتصادي، مقلق. والقلق هنا له ترجماته في مفاصل كثيرة، خصوصا على صعيد الاستقرار الاقتصادي والسياسي».
يذكّر النائب نفسه أنه «في بلد كلبنان، كل مؤقت فيه يتحول مؤبدا، لا يمكن الاكتفاء بحلول قصيرة الامد. بل علينا كدولة، ان نضع الخطط والتصورات على المديين المتوسط والبعيد. وان نقدم افكارا وحلولا لبان كي مون، لا أن ننتظر فقط أن يقدم لنا وجهة نظره وبعض الرشى. ان اوروبا الخائفة، وبان كي مون القلق، سيسعون الى تقديم المقترحات التي تناسبهم وسيضعون الحلول التي تحمي مصالحهم. فهل نحن قادرون على القيام بالمثل؟».