لا شك أن اختيار الرئيس العماد ميشال عون زيارة المملكة العربية السعودية، كأول زيارة رسمية خارجية له منذ توليه سدة الرئاسة أمر له دلالات ورسائل داخلية وإقليمية، وبالتالي فهي ليست زيارة شكلية بل هي محاولة جدية لفتح صفحة جديدة بين لبنان والدول العربية، وهذا ما يسعى إليه الرئيس عون منذ استلامه سدة الرئاسة، أي إعادة تموضع لبنان دبلوماسيا تجاه بعض الملفات في المنطقة، وإعطائه شرعية إقليمية والاهتمام بمصالحه الاقتصادية العالقة منذ زمن في أزمة.
في المقابل تجمع القوى السياسية في لبنان على أهمية هذه الزيارة، وإن كانت تفند مفاعيلها الايجابية من زوايا مختلفة، إذ يرى عضو كتلة «المستقبل» الوزير السابق نبيل دي فريج لـ«المستقبل»، أن «زيارة العماد عون إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر هي بداية لفتح صفحة جديدة، وللقول عفا الله عن ما مضى بعد الاخطاء التي أدت إلى توتر في العلاقة بين البلدين».
ويضيف:«آمل أن تنعكس هذه الزيارة إيجابيا على الإقتصاد اللبناني والاستثمارات الخليجية فيه، وعلى الهبة السعودية للجيش اللبناني والقطاع السياحي من خلال رفع حظر سفر الرعايا الخليجيين إلى لبنان».
وينظر عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون إلى أهمية الزيارة إنطلاقا من رمزيتها، ويقول لـ«المستقبل»: «لا بد من النظر إلى الزيارة من منطلق أنها تأتي بعد مرحلة علاقات ملبدة بالغيوم بين البلدين، نتيجة التطورات السياسية الداخلية والاقليمية، وبما يرمز الرئيس عون من ماض وتحالفات نسجها وتوافق سياسي أتى به رئيسا للجمهورية، وكل هذه العناصر سيكون لها إنعكاس إيجابي لناحية بناء علاقات جيدة ونقية بين البلدين مهما بلغت الاختلافات السياسية حول ملفات معينة».
ويأمل عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ميشال موسى لـ«المستقبل»، «بعد فترة طويلة من الانكماش في العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، أن تعيد زيارة الرئيس عون إلى السعودية العلاقة بين لبنان ودول الخليج،خصوصا أنها علاقات تاريخية وممتازة بين الطرفين وتفتح آفاق التعاون بينهما من جديد».
من جهته يعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم لـ«المستقبل»، أن «زيارة الرئيس عون ترتدي أهمية كبرى وتاريخية بعد التباعد المؤسف الذي حصل بين لبنان والسعودية، والذي من الضروري معالجته لمصلحة الاقتصاد اللبناني والجيش ولمصلحة المملكة أيضا»، ويوافقه الرأي أمين السر العام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر الذي يقول لـ«المستقبل: «علاقات لبنان مع المملكة هي علاقات راسخة منذ سنوات ويجب أن تستعيد بريقها خصوصا أن للمملكة دوراً كبيراً جداً في المحطات الهامة في لبنان، وأي زيارة يجب أن تصب في هذا الاتجاه على أمل أن يكون لبنان منفتحاً على العلاقات مع الدول العربية، وأن يكون حريصاً على التواصل معها ضمن إطار عام يمكّنه من لعب دور إيجابي عبر هذه العلاقات».
والسؤال الذي يطرح «هل يمكن أن يكون لهذه الزيارة مفاعيل إيجابية على الداخل اللبناني؟»، يجيب دي فريج: «الزيارة تريح الداخل بالتأكيد، ومن المهم من حيث مضمون الزيارة أن تعيد الثقة بين الطرفين ، وأعتقد أن الوفد الوزاري المرافق يمكنه أن ينجح بهذه المهمة لما لذلك من إنعكاس إيجابي على اللبنانيين المتواجدين في الخليج»، ويوافقه الرأي كرم قائلا: «المملكة كانت حريصة على علاقات طيبة مع جميع اللبنانيين، وأعتقد أن الامور ستكون أكثر إيجابية في الداخل اللبناني بعد هذه الزيارة». ويرى موسى أن «الزيارة ستخفف التشنج الداخلي على اعتبار أن المؤسسات الدستورية عادت لدورها الطبيعي على أمل أن يستكمل الامر من خلال إقرار قانون جديد للإنتخابات».
ويلفت عون إلى أن «العلاقات بين لبنان والمملكة يجب أن تكون في حدود الصداقة والاحترام المتبادل دون التأثر بتنوع الآراء الداخلية اللبنانية حول ما يحصل إقليميا ودوليا». ويؤكد ناصر أن «إستعادة لبنان لعمل مؤسساته عبر تمتين علاقاته الخارجية بطريقة إيجابية يستكمل العملية اللبنانية الطبيعية ودورها مع الدول الاخرى ويعيد لها هيبتها في العلاقات الخارجية».