Site icon IMLebanon

زيارة هولاند بين أهداف فرنسا وحاجات لبنان أي أفكار قد يقدّمها السياسيون طلباً للمساعدة؟

يملك غالبية الزعماء السياسيين فكرة عامة عما سيحمله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند معه الى بيروت خلال زيارته المرتقبة في نهاية الاسبوع الجاري، إن لجهة العناوين التي تشكل مضمون زيارته أو لجهة الافكار الذي يمكن أن يبحثها مع هؤلاء الزعماء، خصوصا أن السفير الفرنسي ايمانويل بون نشط بقوة في الايام الاخيرة تحضيرا للزيارة وأطلع كل من سيلتقيهم هولاند على الأجواء. وقد نشرت “النهار” مجمل عناوين الزيارة في وقت سابق، وهي تصل الى موضوع دعم الجيش والاستقرار الداخلي ودعم لبنان في وجه تداعيات الحرب السورية عليه، ولا سيما موضوع اللاجئين وموضوع الفراغ الرئاسي. لكن يود هؤلاء الاستماع فعلا الى ما قد يحمله الرئيس الفرنسي على صعد عدة داخلية أو اقليمية، علما أن الرسالة المعنوية التي توجهها الزيارة مهمة للبنان في هذه المرحلة، خصوصا أنه سيتاح لمروحة واسعة من السياسيين لقاء الرئيس الفرنسي. لكن ما هو غير متوقع بالنسبة الى الزيارة هو أن يتحمل غالبية الزعماء اللبنانيين الذين سيلتقون الرئيس هولاند المسؤولية المباشرة في استمرار الشغور في سدة الرئاسة الاولى، او ان يكون ذلك مصدر خجل لهم. فما تولته فرنسا في وقت سابق من مساع في اتجاه ايران في الدرجة الاولى من أجل الافراج عن الملف الرئاسي يعطي الزعماء السياسيين هامشا واسعا للتمسك بالمنطق نفسه، خصوصا بعدما رشحت قوى 14 آذار اثنين محسوبين على قوى 8 آذار، فيما لا يحرك “حزب الله” ساكنا في الموضوع الرئاسي، علما أن نسبة كبيرة من المسؤولية تقع ايضا في مراحل متعددة من الشغور الرئاسي المستمر منذ سنتين على الزعماء اللبنانيين. لكن اليوم أكثر من أي وقت باتت الكرة خارج الحلبة اللبنانية. وقد لعب الأفرقاء الداخليون ما امكن من اوراق في موضوع الرئاسة، بحيث غدا من لا يملك القدرة على التفاوض أسيرا لموقفه. لكن من المهم أن يعرض الافرقاء افكارا يمكن ان يساعد من خلالها الرئيس الفرنسي الذي ستفسح زيارته في المجال امام المسؤولين تحميل الزائر الكبير مهمة المحاولة مجددا مع ايران من اجل تحرير موقع الرئاسة بمونتها او تأثيرها على “حزب الله”، خصوصا ان الفراغ الرئاسي بات يلقي بتبعات سلبية جدا على الوضع اللبناني من جهة، ولان ايران وفقا لبعض الديبلوماسيين المراقبين قد تكون في حاجة الى فرنسا في المرحلة المقبلة من جهة اخرى. فمع ان الولايات المتحدة هي من قد تود ايران بيعه هذه الورقة، لكن التعامل مع اميركا ربما يكون منهكا لإيران بناء على تشدد في الانفتاح عليها والتعامل مع مصارفها، في ظل غضب من الكونغرس الاميركي للتجارب التي تجريها حول الصواريخ الباليستية، بما يحرج ادارة الرئيس باراك اوباما في الانفتاح الذي رتبه الاتفاق النووي مع ايران. ولهذه الاسباب تحتاج ايران الى روسيا كما الى الدول الاوروبية، وفي مقدمها فرنسا، في ظل الهامش الضيق أمام الرئيس الاميركي، وفي ظل المأزق الذي لا تزال تواجهه ايران، والذي لم ينته بتوقيعها الاتفاق حول ملفها النووي، فهي مضطرة الى الانفتاح على اصدقاء جدد، خصوصا إذا تطورت الامور سلبا ضدها في واشنطن، وزادت نية فرض عقوبات جديدة في ظل تقييد ايدي الرئيس الاميركي في موضوع ايران. من هذه الزاوية يراهن اصحاب هذا الاعتقاد على فرصة لتستخدم فرنسا نفوذها او تأثيرها من أجل محاولة تحصيل ورقة الرئاسة للبنان، على رغم أنه سبق لإيران أن صدت المساعي الفرنسية المتكررة في هذا الشأن. لكن في ظل هذه المعطيات، إضافة الى الرهان المتواصل على انفراجات محتملة في المنطقة، من المرجح بالنسبة الى هذه المصادر ان يكون أي توقيت في المستقبل القريب أكثر فاعلية من توقيت المقاربات السابقة لفرنسا مع ايران.

وإذا كان موضوع الرئاسة ملحّا للبحث مع ايران، فإن موضوع الاسلحة والمساعدات للجيش والتي جمدتها المملكة العربية السعودية نتيجة اداء في السياسة الخارجية اعتبرته سلبيا وخاضعا لتأثير “حزب الله”، لا يقل إلحاحا من اجل ان تساعد فرنسا في هذه المسألة علما أن الإدارة الفرنسية قد فاتحت السعوديين في الموضوع، لكن إنهاء الشغور الرئاسي يمكن ان يساعد جدا في تخفيف التحديات التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة.

الا انه ازاء الاهتمام الغربي عموما بتداعيات الحرب الاهلية السورية وما خلفته في موضوع اللاجئين والارهاب على لبنان من انعكاسات مأسوية، مما دفع بمسؤولين غربيين عدة الى زيارة لبنان في الآونة الاخيرة لهذه الغاية، ثمة سبب يدعو بعض الاوساط الى التقليل من أبعاد أخرى لزيارة الرئيس الفرنسي للبنان، خصوصا انه حين أعلن الرئيس هولاند عن الزيارة التي يعتزم القيام بها للبنان خلال الصيف الماضي، فقد أدرجها في شكل خاص تحت عنوان يتصل باللاجئين، على أثر موجة الهجرة الواسعة لهؤلاء الى اوروبا، ويشمل ذلك فرنسا. والدعم الذي تقدمه بعض الدول الغربية للجيش او القوى الامنية تعتبره هذه الاوساط نتيجة تولي لبنان الدفاع عن الجبهة الاولى التي تمنع تسلل الارهابيين عبره الى اوروبا، وكذلك عبور اللاجئين، الامر الذي يعني أن الموضوع الاخير بالذات يشكل نقطة جوهرية، وترى المصادر المعنية انه يتعين على لبنان ان يكون قد طور بعد مجموعة مؤتمرات ولقاءات، مجموعة مطالب لمساعدته في موضوع اللاجئين لا يفترض ان ترتبط بموضوع تقديم المزيد من الاموال من اجل تحمل عبء اللاجئين فحسب، بل المساعدة في خطوات قد تخفف عن لبنان بعض الشيء.