Site icon IMLebanon

زيارة الكويت في مواجهة التحديات والاستحقاقات  

 

لا أحد ينكر أهمية الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على رأس وفد منوع، الى الكويت، تلبية لدعوة أميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، من حيث التوقيت ومن حيث المضمون ومن حيث النتائج..

 

الزيارة لم تأتِ من فراغ.. واللبنانيون، كل اللبنانيين، وعلى اختلاف توزعاتهم السياسية وغير السياسية يسجلون لدولة الكويت ولأميرها وسائر قادتها هذه المبادرة الاخوية، خصوصاً وأن هذه الدولة لم تدر ظهرها يوماً للبنان، فوقفت الى جانبه في كل الظروف الصعبة والقاسية جداً التي مرّت على لبنان، خلال السنوات، بل العقود الماضية، وعملت على اعادة ترميم ما نجم من أضرار  عن الاعتداءات الاسرائيلية.. وعن الحروب الداخلية بين «الاخوة الاعداء» في الداخل اللبناني..

زيارة الرئيس العماد جاءت هذه المرة في ظل مناخات لبنانية داخلية غير صحية وغير سليمة كفاية وعلى العديد من المستويات، وقد تجاوزت العديد من الخطوط الحمر، والاخطر فيها الاشكالية بين الرئاستين الاولى والثانية.. وسط تطورات دولية – اقليمية – عربية بالغة الدقة والخطورة، في مقدمها ما أعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب لجهة اعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الاميركية من تل أبيب اليها لاحقاً – وما نجم عن ذلك من تداعيات.

الزيارة تأتي ولبنان غارق في ملف النفايات والصراعات على خلفيات انتخابية ومصلحية بحتة.. والدين العام تجاوز الثمانين مليار دولار.. هذا في وقت تستفيق الادارة الاميركية الجديدة، على ان هناك في مكان ما على الكرة الارضية دولة اسمها لبنان.. ما كانت لتعيرها أي اهتمام لولا وجود هذه الدولة على الحدود الشمالية لـ»دولة إسرائيل» التي تحظى بكل الدعم والرعاية والحماية من الادارات الاميركية المتلاحقة.. حيث حضر الى لبنان مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بيلنيفسليا، والتقى العديد من المسؤولين اللبنانيين، في سياق خطة أميركية لمحاربة «حزب الله» الموضوع على لائحة الارهاب الدولي..

لم يغفل المسؤول الاميركي «ان واشنطن تتعامل مع «حزب الله» ضمن استراتيجية سبق وبدأناها وهو (أي الحزب) ممنوع من الوصول الى التمويل الذي يحتاج اليه لنشر الإرهاب..» ومن أهداف زيارته لبنان الضغط للتأكد من ان الحزب لن يتمكن من استخدام الاموال لسلوك خبيث.. وعندما نتحدث عن «حزب الله» فلا فارق بين جناحيه السياسي والعسكري، بل هناك «حزب الله واحد.. وهو منظمة إرهابية وسرطان في قلب لبنان..».

لقد سها عن بال المسؤول الاميركي، وسائر المسؤولين في الولايات المتحدة وغيرها، ان «المقاومة» في لبنان هي نتيجة الاعتداءات والحروب الاسرائيلية المتكررة منذ ما قبل قيام «دولة إسرائيل» ولم تتوقف لحظة واحدة، وفي سياقات مختلفة ولم تدع دولة عربية واحدة من شرورها..

جريمة لبنان الكبرى، أنه حقق انتصار تحرير أرضه من دون أي اتفاق مع دولة العدو، بخلاف العديد من الدول العربية الفاعلة والمؤثرة.. وقد دلت التطورات على مدى الانتهاكات التي يتعرض لها لبنان يومياً، وعلى كل المستويات، وهو لم يحزم أمره نهائياً بعد في رفع شكوى الى مجلس الأمن..

لقد قاربت قمة الرئيس عون والامير صباح الأحمد الوضع العربي وما تركته «حروب الاخوة الاعداء» من تداعيات بالغة الخطورة من عناوينها ملايين النازحين الذين يعانون الامرين وقد تم الاتفاق على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك وأن تكون القمة العربية المقبلة التي ستعقد في الرياض نهاية اذار المقبل فرصة لتوحيد المواقف العربية واعادة التضامن.. خصوصاً وأن الكويت باتت عضواً في مجلس الامن..

لم تغب قضية فلسطين المحتلة عن القمة.. خصوصاً وأن «وعد ترامب» جعل القدس عاصمة لإسرائيل» وضع الجميع في حرج غير مسبوق وقد أجمع الكل على رفض هذه الخطوة محذرين من التداعيات التي يمكن ان تنتج عنها..» وكان الرئيس عون على حق عند ابداء اسفه لعدم قدرة الأمم المتحدة على تطبيق قوانينها وشرعتها..

المفارقة الكبرى، أنه وفي وقت يسعى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى «اعتراف أوروبا بدولة فلسطين من أجل الحفاظ على الأمل في صفوف الشعب الفلسطيني» كان نائب الرئيس الاميركي مايك بنس يستهل زيارته المنطقة بلقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو معلناً أنه «لشرف كبير لي ان اكون في عاصمة إسرائيل القدس».

لا يخفي عديدون قلقهم مما حصل وما يمكن ان يحصل.. والاوروبيون على وجه العموم، لا يتركون فرصة إلا وينبهون القيادات اللبنانية ما يمكن ان يحصل، ولبنان بات بين نارين: النار الاسرائيلية العابرة لحدود وسيادة لبنان براً وبحراً وجواً، ونار الارهاب الذي عاد وفتح الباب من خلال التفجير الذي استهدف أحد قادة حماس في صيدا الاحد قبل الماضي وتبين ان المتورطين بالعملية على علاقة وثيقة بالموساد الاسرائيلي..

ان المناخات الايجابية التي سيطرت على لبنان بعد توقيع الرئيس عون مرسوم الدعوة للانتخابات النيابية، شكلت جرعة دعم لـ»العهد».. والجميع يتطلع لتترجم الانتخابات عملياً، في أجواء تسهل اجراءها، بعيداً عن المناكفات والاشكاليات المفتعلة والتطلعات البعيدة المدى في احداث تغييرات ما كلفت لبنان عشرات الآلاف من الشهداء والضحايا…