IMLebanon

زيارة رئيس «التكتل» لبنشعي قريبة.. برغم «بوانتاج» فرنجية

الرابية: تساؤلات جعجع عن «حزب الله».. «صادقة ومشروعة»

زيارة رئيس «التكتل» لبنشعي قريبة.. برغم «بوانتاج» فرنجية

قبل 18 كانون الثاني، تاريخ المصالحة المسيحية التاريخية، كان ميشال عون يشعر بفائض، غير مفهوم لكثيرين، من القوة والارتياح.

لم تكن المسألة فقط تقف عند حدود اقتناعه بأن مسار التفاوض لعام كامل مع «القوات اللبنانية» سيصل حتما الى يوم تتويجه من معراب مرشّحا لرئاسة الجمهورية مرفقا بعيّنة من خطاب القسم ومن طيّ نهائي لصفحة الخصومة مع «الحكيم»، بل أيضا لأن تطوّرات الخارج ـ خصوصا على الصعيد السوري ـ كانت تؤشّر الى ان ميزان القوى «سيطبش» لصالح فريقه السياسي.

بعد «ليلة معراب» يتسلّح ميشال عون بمخزون أكبر من الثبات والصمود والقوة. أمام عدد في حلقة ضيقة من الزوار «اصحاب الثقة» يقول ما يستحيل ان يخرج من وراء جدران الرابية. أمام آخرين يتحدّث بالعموميات محاذرا كشف المستور، مشدّدا على خطوة الانفتاح باتجاه جميع القوى السياسية من أجل رفد «إعلان معراب» بمقوّمات الاستمرار والتفعيل كي يؤدّي هذا اللقاء مبتغاه، خصوصا ان عون يرغب بإسقاط تهمة «لقاء المصالح» عن تقارب يقول إنه يشكّل نواة مصالحات لبنانية بكافة الاتجاهات، على رأسها «إعادة تصويب المسار مع الشريك السنّي في السلطة».

مواقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب و «منظّمة المؤتمر الاسلامي»، على الرغم أنها منسّقة مع رئيس الحكومة تمام سلام، تصعّب المهمّة. هي قضية آنية فرضت نفسها على مخزون سابق من مآخذ «تيار المستقبل» على ميشال عون وأدائه، دفعت اعتى المناهضين لفريق «8 آذار»، على رأسهم، الرئيس فؤاد السنيورة، الى ان يرى في سليمان فرنجية «المنقذ» في مواجهة ترشيح «الجنرال». لم تشفع مواقف سابقة وصريحة لميشال عون منذ سنوات بتمييز «الحالة العونية» في السلطة عن حلفائه في الخط السياسي.

رغم كل الغبار الكثيف المحيط بالرئاسة اليوم، ثمّة ثوابت وقناعات محسومة في السلّة العونية: الموقف السعودي مُطمئِن في ظل الحديث عن عدّة خطوط في المملكة، وتكفي متابعة مواقف السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري كممثل لصوت الرياض في بيروت، او التدقيق في ما قاله الوزير وائل ابو فاعور الذي تحدّث بعد عودته من السعودية عن عدم وجود فيتو على اي مرشّح، او رصد كتابات صحافيين سعوديين بشكل شامل وليس انتقائيا…

ومن ضمن سلّة القناعات، الانفتاح الدائم على الرئيس سعد الحريري، أقلّه في البعد الشخصي والاجتماعي والانساني. في السياسة تأمل الرابية، إن لم يكن تأييدا لعون للرئاسة، أقلّه ترك الحرية في التصويت داخل «الكتلة». أما توقيت الرئاسة فليس بعيدا كما يظن البعض، ومن إحدى أهمّ مسلّماتها عدم القبول بمنطق الخطة «ب» الذي لن يعني في قاموس المحيطين بالرابية سوى مناورة على رأسها نبيه بري لتطيير النصاب ما سيدفع تلقائيا الى الانتقال الى الخطة «ب». وماذا عن «بوانتاج» فرنجية من أمام عين التينة والذي سلّم خلاله بتجيير كامل أصوات «كتلة التحرير والتنمية» الـ 13 لمصلحته؟ يجيب المحيطون بالرابية «النصاب سياسي وليس عدديا».

لا يحتاج عون، أقلّه علنا، الى أكثر من الموقف الرسمي الذي صدر عن «حزب الله» بعد «إعلان معراب» بالاصرار على تأييد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» لرئاسة الجمهورية، ولا أكثر ممّا تقول الرابية إنه «فرح شعبي»، ومسيحي بشكل خاص، «لَفَح» الساحة الداخلية… الباقي يُعمل عليه بالتدريج ووفق خطة متفق عليها مسبقا مع «القوات»، المعلن منها حتى اليوم توسيع دائرة المشاورات مع باقي القوى السياسية للاستثمار في «البلوك المسيحي» الصلب الذي أرساه التفاهم الناشئ حديثا وتعميمه على الراغبين.

العيّنة الأولى من هذه المشاورات لم تكن على قدر المطلوب. تكفي نتائج اللقاء المباشر مع الرئيس بري الذي لم يكتف فقط بنصح عون بالجلوس وجها لوجه مع فرنجية، إنما بمحاولة استكشاف غير المرئي من «ورقة النيات» مع سمير جعجع.

بعض المقرّبين من بري يقولون «استاء العونيون لحظة الاعلان عن المبادرة الرئاسية، من الاتفاقات السرّية التي يمكن ان تكون قد أبرمت ومن الوعود التي يمكن أن يكون قد منحها فرنجية لسعد الحريري. ونحن اليوم نسألهم على ماذا اتفقتم مع القوات بشأن قانون الانتخاب؟».

في الوقائع، سلسلة الاتصالات تتكثّف من جانب الرابية ومعراب باتجاه الداخل والخارج. على الأجندة لقاءات قريبة مع «تيار المستقبل» الناقم والرافض، وسليمان فرنجية الناعي للخطة «أ» إذا لم يكن هناك خطة «ب»، ووليد جنبلاط «اللاعب» على ثلاثة خطوط، وسامي الجميل المجاهر بموقفه سلفا.

«حزب الله»، وفق مصادر وثيقة الصلة بعون، لا يدخل ضمن مفهوم المشاورات نفسه، أولا لأن موقف «حزب الله» محسوم من الموضوع وثانيا لأن الاتصالات هي الخبز اليومي للفريقين.

وفي هذا السياق، تردّ المصادر العونية على من يعايرها بالسكوت عمّا اعتبر حملة مركّزة شنّها سمير جعجع على «حزب الله» بعيد الاعلان عن الاتفاق المسيحي بالقول «هذا الكلام صار متأخّرا كثيرا عن وقته، فبعد الكلام الذي قيل من جانب جعجع جرت اتصالات مع معراب ورسائل تمّ نقلها بعيدا عن الاعلام وتمّ توضيح المطروح من اسئلة واستيضاحات هي صادقة وجدّية ومشروعة، وانتهى الامر هنا».

وفي مقابل الحلقة المُفرغة التي يدور فيها الجميع وتمدّد المواقف باتجاه المزيد من التصلّب وآخرها موقف النائب فرنجية، ترى الرابية ان الساحة الداخلية أمام خيارين: أنصار الخيار الاول يتمسّكون ويراهنون على البعد الداخلي للرئاسة، ومن ضمن هذه المقاربة هناك أقلّه أربعة مواقف لا تزال ضمن دائرة التردّد او السلبية: تيار «المستقبل»، وليد جنبلاط، سليمان فرنجية و «حزب الكتائب». وان حسم أي منها تأييده لصالح عون، سيؤدي الى حسم الموضوع. ثمّة في المقلب العوني من يقول في هذا الاطار ان الرئيس سعد الحريري لطالما أعلن أنه من دعاة النزول الى مجلس النواب لانتخاب الرئيس، عندها فلينزل ويصوّت، بحيث ان الميثاقية المطلوبة تتأمّن من خلال تأمين نصاب الحضور. أما لناحية الرئيس بري، فيبدو رغم وضوح الرؤية والموقف في عين التينة، فإن الرابية تجهد لعدم احتسابه ضمن المعرقلين، طالما ان الصوت الشيعي الاقوى الى جانبها!

أما الخيار الثاني فهو الرهان على العوامل الخارجية، وهو الامر الذي سيؤدي برأي الرابية الى تمديد الانتظارات واستدامة الشغور.

حاليا لا اتصالات نهائيا مباشرة بين عون وفرنجية. موقف رئيس «تيار المردة» من عين التينة أمس لم يغيّر في ما تقوله أوساط عون «سليمان فرنجية ليس من نوعية السياسيين الذين يغيّرون في تحالفاتهم ومواقعهم، ورهاننا الاكبر على هذه المبدئية والفروسية التي عرف بها فرنجية، وشكّلت كل عمق حياته السياسية».

الموقف الاستيعابي للرابية لا يندرج سوى في إطار سياسة «النَفَس الطويل» وتجاوز كل ما يتفوّه به فرنجية، خصوصا ان التعميم البرتقالي بالمهادنة لا يزال ساري المفعول. الزيارة الى بنشعي ممكنة خلال أيام، بتأكيد الاوساط، لكن الايام الماضية حفلت باستحقاقات متتالية أجّلت حدوثها…