لم يرشح عن زيارة الموفد الاميركي اموس هوكشتاين الى تل ابيب والمحادثات التي اجراها مع المسؤولين الاسرائيليين حول الوضع على جبهة لبنان مع العدو ، لكن الوقائع والمواقف التي سجلت حتى الان تدل على ان رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو ما زال يراهن على الاستمرار في حربه اكان في لبنان ام في غزة ، وهذا ما ظهر خلال تصريحاته اول من امس وتكراره الحديث عن ان الحرب التي يخوضها هي ” حرب وجودية لإسرائيل ” ، ومن خلال انزعاجه الشديد من كلام وزير الدفاع غالانت ودعوته الى تقديم تنازلات للحل وتحديث اهداف اسرائيل من هذه الحرب .
ورغم ارتفاع وتيرة الحراك الديبلوماسي وجولة وزير الخارجية الاميركي بلينكن الواسعة في المنطقة وعودة التحرك المكوكي لهوكشتاين بين بيروت وتل ابيب ، فان فرصة الحلول الديبلوماسية قريبا ما زالت ضعيفة وغير مرجحة .
ويقول مصدر نيابي مطلع ان هناك شعورا اخذ يتزايد مؤخرا بامكان احداث خرق جدي باتجاه وقف النار وتنفيذ القرار ١٧٠١ في غضون اسابيع قليلة . وهذا الشعور مرده اولا الضربات الموجعة التي وجهها حزب الله في الايام القليلة الاخيرة لجيش العدو في المواجهات البرية المباشرة وفي الاستهدافات المركزة بالصواريخ والمسيرات الهجومية لاهداف عسكرية وحيوية في عمق الكيان الاسرائيلي .
وبرأي المصدر انه الى جانب هذا العامل العسكري والميداني ، يبرز دور متنام لدول الاتحاد الاوروبي لا سيما الدول المشاركة في قوات اليونيفيل في ممارسة جهود ديبلوماسية وضغوط سياسية لتحقيق وقف النار على اساس تنفيذ القرار ١٧٠١ . لكن هذا الحراك الاوروبي ما زال تحت سقف الموقف الاميركي الذي لم يتطور حتى الان الى مستوى ممارسة اي شكل من اشكال الضغط على حكومة العدو لاجبارها على القبول بوقف النار، بل ما زال اقرب الى تشجيعها على المضي في حربها على لبنان وغزة .
ويلفت المصدر الى انه في الايام القليلة الماضية لوحظ تحرك ناشط لقطر ليس بشأن تحريك المفاوضات حول غزة فحسب بل ايضا باتجاه السعي لوقف النار في لبنان والمساهمة في توفير بعض العناصر التي تساهم في تنفيذ القرار ١٧٠١ ونشر الجيش اللبناني الى الحدود، لا سيما من خلال المشاركة بتعزيزه عدة وعددا .
ويقول المصدر، ان التحرك القطري يعول عليه، وان الدوحة تعمل على محوري غزة ولبنان لتحقيق خطوات ايجابية باتجاه وقف النار على المحورين، وانها تتمتع بحيوية ديبلوماسية نظرا لدورها كوسيط فاعل بالنسبة لغزة، وللموقع الذي وصلت اليه كشريك في الحراك الديبلوماسي المتعلق بالوضع على جبهة لبنان .
وفي ظل هذا الحراك الديبلوماسي الناشط على غير محور، ينقل عن مصادر ديبلوماسية ان ادارة الرئيس بايدن ترغب بتحقيق وقف النار في لبنان وصفقة تبادل اسرى في غزة عشية الانتخابات الاميركي المقررة في ٥ تشرين الثاني المقبل لانها تعتقد ان تحقيق هذا الهدف سيضمن فوز المرشحة الديموقراطية هاريس نائبة الرئيس بايدن او يعزز فرصها بنسبة عالية . لكن هذه الادارة تبدو غير قادرة او عاجزة عن ترجمة رغبتها لانها لا تقرن هذه الرغبة بضغط او اي فعل مؤثر يدفع الحكومة الاسرائيلية الى تعديل موقفها .
وترى المصادر الديبلوماسية ان نتنياهو مصمم على المضي في حربه اكان في غزة او لبنان ، وانه لا يريد ان يعطي ادارة الحزب الديموقراطي الاميركي ورقة مجانية بالقبول بوقف النار قبل موعد الانتخابات الاميركية .
ويسعى نتنياهو الى تأخير اعطاء اي جواب للموفد الاميركي هوكشتاين بشأن لبنان ، مفضلا المضي بالنهج الذي اعتمده بالهروب الى الامام ومواصلة عدوانه رغم الضغوط التي بدأ يتعرض لها بسبب ارتفاع الاثمان التي يدفعها جيش العدو في المواجهات البرية مع حزب الله ، وارتفاع واتساع رقعة استهدافات الحزب الصارخية وبالمسيرات في عمق الكيان الاسرائيلي.
وبتقدير المصادر ان التوازن والتكافؤ بين هاريس وترامب قبل اسبوع من موعد الانتخابات ، يجعلان نتنياهو في وضع دقيق، فهو لا يرغب في ان يخذل الحزب الديموقراطي كليا لذلك يستخدم اسلوب المماطلة والمناورة، ولا يريد ان يخذل صديقه ترامب ومعسكره السياسي باعطاء اية ورقة سياسية لمنافسته هاريس .
وفي الخلاصة، تعتقد المصادر الديبلوماسية انه من المبكر الحديث عن حلول ديبلوماسية قريبة، وان ما ستفرزه الانتخابات الاميركية سيكون عاملا مؤثرا في موقف نتنياهو وحكومته، وهناك عامل قوي ومؤثر في مسار التطورات المقبلة هو الميدان وما سيسجله في الايام والاسابيع المقبلة .