IMLebanon

زيارة قاسم.. لن تغيّر «مشهدية» الهزائم

يتناوب قادة «حزب الله» في الصعود الى الجرود للقاء عناصرهم بغرض بث روح النضال في صفوفهم ورفع معنويّاتهم بعد الهزائم المُتلاحقة التي لحقت بهم منذ اعلن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله بدء معركة القلمون والتي تكبّد بها «حزب الله» لغاية اليوم ما يفوق مئتي قتيل خلال شهرين تقريباً إضافة إلى الاعداد الكبيرة من الجرحى معظمهم اصابتهم خطرة.

كان نصرالله أوّل من افتتح الرحلات البريّة الى الجرود حيث التقى يومها مجموعات من عناصره بعد التخبّط الذي اصابهم هناك وما رافقه من مقاطع مصوّرة كان بثّها الثوّار عبر موقع «يوتيوب« يظهر خلالها عناصر من الحزب وهي تفرّ من أرض المعركة، وهو ما خلّف جملة من التساؤلات في صفوف جمهوره الذي راح يُقارن يومها بين مشاهد تقهقر الإسرائيليين على ارض الجنوب في زمن الاحتلال، وبين هروب عناصر «حزب الله». يومها عبّرت مجموعات الحزب المتواجدة في القلمون أمام نصرالله عن إنزعاجها من تصرفّات عدد من قياديّيهم العسكريين خصوصا في ما يتعلّق بإرسال صغار السن للمشاركة في الحرب.

بعد زيارة نصرالله كرّت سبحة وفود قياديين في «حزب الله» لزيارة الجرود، فكانت الخطوة الثانية لرئيس الهيئة الشرعيّة في الحزب الشيخ محمد يزبك وقد التقطت له يومها مجموعة من الصور وهو يرتدي اللباس العسكري في محاولة اخرى لدعم عناصر حزبه، ثم استتبعتها زيارات مماثلة لعدد من نوّاب ووزراء الحزب ظلّت طي الكتمان وذلك بأمر من القيادة العليا في محاولة تهدف الى ايهام المعنيّين بأن هناك فصلاً تاماً بين العسكر والسياسة داخل منظومة وتركيبة الحزب ولما قد يترتّب عليها من امور في وقت لاحق لا تخدم آلية العمل التي ينتهجها «حزب الله«.

بالأمس وزّعت الدائرة الإعلاميّة في «حزب الله» صورة يظهر فيها نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بلباس عسكري وهو يقف بين مجموعة من عناصر الحزب في القلمون، وقد أتت هذه الزيارة من ضمن سياسة رفع معنويّات العناصر التي أمر بها نصرالله للقول لهؤلاء العناصر الذين يسقط منهم العديد في كل يوم، أن القيادة معهم والى جانبهم وذلك بعد الحركة الإعتراضيّة التي وُوجه بها عدد من المسؤولين السياسيين في الحزب خلال اللقاءات التي يعقدونها سواء مع العناصر أو مع الأهالي، ومن هؤلاء أحد النوّاب البارزين عن قضاء «بنت جبيل» حيث تعرّض لهجوم لاذع من والدة احد القتلى عندما سألته عن حال أولاده الذين يُتابعون تحصيل علمهم خارج البلاد.

يبدو أن صرخات عناصر «حزب الله» بدأت تُسمع في حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة. نعوش الموت لا تهدأ تُرافقها تحركّات اعتراضيّة لعدد من الأهالي يجري التعتيم عليها. أسئلة كثيرة تتعلّق بالأسباب التي تؤدّي إلى سقوط هذا العدد من عناصر الحزب بشكل يومي لكن من دون إجابات شافية. البعض لا يريد ان تتحوّل مشاهد الموت اليوميّة إلى أمر عادي في حياتهم، والبعض الآخر بدأ يسأل عن القضيّة التي يُقتل هؤلاء الشُبّان لأجلها، وفي الحالتين هناك أمّهات تُمني نفسها بإطلالة لنصرالله ولو بعيدة بعض الشيء يُعلن فيها عن نيّة حزبه سحب عناصره من الوحول السوريّة المُتحرّكة.

الأكيد أن «حزب الله» يمر في فترة عصيبة تنعكس على أداء عناصره الموزعين على جبهات الموت، لكن المؤكّد ان نقمة عارمة على سياسة الحزب التي ينتهجها تسود بيئته وجمهوره. بيئة دفعت من لحمها الحيّ ومن خيرة شبابها في سبيل الدفاع عن عقيدة ارتبط منذ الازل بالصراع مع الإسرائيلي فقط. وجمهور لم يبخل لا بحاله ولا بماله لدعم صفوف مقاومة بايعها بالدم في زمن الإنكسار كما الإنتصار. وما صورة قاسم بالأمس إلّا تعبير واضح عن المأزق الذي يعيشه حزبه، وهو ما تُرجم من خلال التعليق الذي خرج من داخل بيئة «حزب الله» بعد مشاهدة الصورة «الشيخ قاسم، سيلفي والهزائم كثيرة خلفي«.