ارتدت زيارة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى وزارة الدفاع يوم أمس الأول، طابعاً استثنائياً غير عادي، كونها تزامنت مع الحملة التي تتعرّض لها المؤسّسة العسكرية وقائدها على خلفية ملف عرسال والتعيينات الأمنية، فيما حملت في المضمون رسالة دعم صريحة وواضحة من الحكومة إلى الجيش، وتجديداً للثقة بأدائه وكفاءته وحكمة قيادته في مواجهة المخاطر التي تتربّص بالبلاد. وعلى رغم أن الزيارة قد خلت من أي إشارة إلى أزمة التعيينات، إلا أنها أعطت انطباعاً بأن الحكومة ليست في صدد السير في تعيين قائد جديد للجيش في هذه المرحلة، قبل انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي في أيلول المقبل، الأمر الذي أكده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، بأن ما قيل عن لسانه عن وضع قائد الجيش في التصرّف ليس دقيقاً.
وفي هذا الإطار، أكد مصدر نيابي في تكتل «التغيير والإصلاح» أن التكتّل يُدرج هذه المبادرة «السلامية» تجاه المؤسّسة العسكرية في سياق إيجابي لجهة دعم الجيش في الظروف الراهنة، وذلك على الرغم من كل التحليلات والتأويلات والتفسيرات التي أعطيت لها، مشدّداً على أنه، وفي ظل السجال الدائر حول التعيينات الأمنية، يرفض أي تصويب أو تعكير أو حتى المسّ بالجيش ومناعته وحصانته. وأوضح أن «التكتّل» هو في طليعة الداعمين للجيش اللبناني ويؤيّده في كل تحرّكاته، كما يؤيّده ويدعمه رئيس الحكومة والشعب اللبناني، لافتاً إلى أنه إذا كانت بعض القوى السياسية قد فسّرت زيارة سلام إلى اليرزة وكأنها استفزاز، فإن هذا التفسير لا يعني أي شخص من «التيار الوطني الحرّ»، ولا يغيّر في قناعاته وموقفه الداعم والمطلق للمؤسّسة العسكرية، والذي يتم إعلانه بشكل يومي وفي كل المناسبات. وانطلاقاً من هذه القراءة، أبدى المصدر النيابي نفسه، قناعة ثابتة بضرورة إبعاد الجيش عن السياسة وعن كل السجالات السياسية، وذلك بهدف حمايته بالدرجة الأولى، لكنه استدرك موضحاً أن هذا الأمر لا يحول دون تولّي الحكومة مسؤولياتها في الاستحقاقات الدستورية، وذلك كونها السلطة السياسية المسؤولة عن الجيش، وفي هذه ليس محظوراً على هذه السلطة أن تناقش قضية التعيينات الأمنية ومهمّات المؤسّسة العسكرية وكل المؤسّسات الأمنية، ومن دون أن تصوّر هذه العملية وكأنها انتقاص من دور الجيش.
في المقابل، شدّد المصدر النيابي ذاته، على أن عدم الدخول في أي بحث أو نقاش حول الاستحقاقات الدستورية، ومن بينها التعيينات الأمنية، هو من قبيل التخلّف والتقاعس عن المسؤولية الوطنية في الحكومة، وبالتالي، فإن التعيينات الأمنية هي من صلاحيات الحكومة والوزراء، ومن غير الجائز أن يتم «تعيير» فريق تكتّل «التغيير والإصلاح» بشأن مطالبته بتحمّل المسؤولية في هذا الاستحقاق ذي الطابع الوطني من جهة، والطائفي من جهة أخرى. وأضاف أنه طالما أن التكتّل هو جزء من الحكومة، فهو يملك الحق في التدخّل في ملف التعيينات الأمنية، وذلك لا يعتبر بأي شكل من الأشكال محاولة من قبله للمسّ بالمؤسّسة العسكرية.
وفي هذا السياق، لفت المصدر النيابي عينه، الى ان كل وجهات النظر المعلنة من قبل أكثر من فريق سياسي حول التعيينات الأمنية، لا تلغي أن للعماد ميشال عون وجهة نظر خاصة به، وهي تنص على وجوب عدم السير بأي عمليات تمديد، وذلك بصرف النظر عن كل الحملات التي تُسجّل للاعتراض على هذا الموقف.