تركت زيارة الرئيس سعد الحريري أمس، إلى منطقة جنوب الليطاني، إرتياحاً داخلياً بدا واضحاً لجهة التقييم السياسي والشعبي خصوصاً وأنها جاءت في ظل التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان وعلى بعد ساعات من «العراضة» التي قام بها «حزب الله». والجديد في الزيارة، أنها الأولى لرئيس حكومة يزور فيها هذه المنطقة وتحديداً الحدود المتاخمة للحدود اللبنانية – الإسرائيلية، ما شكّل نقلة نوعية لجهة تعاطي الدولة المسؤول مع القضايا التي تهم أمن البلد والمواطن بالدرجة الأولى، وهي أثبتت أيضاً أن الجنوب في ذهنية الحكومة، لا ينفصل على الإطلاق عن بقية المناطق سواء لجهة دعم الإستقرار فيه، أو لجهة تثبيت وجود الدولة بكافة مؤسساتها وتحديداً الأمنية والعسكرية.
أمس، شاهد اللبنانيون وخصوصاً الجنوبيين رئيس حكومتهم بينهم وعلى حدودهم. أطلع على الأوضاع الميدانية عن كثب بعد أن وضع نصب عينيه مصلحة البلد بالدرجة وليؤكد أن مصلحة لبنان فوق أي اعتبار وليُكرّس منطق الدولة ووجودها الذي لا يقتصر على منطقة محددة بالإضافة إلى تعزيز حضورها على كافة الصعد. والمؤكد ان الحريري خطا خطوة شجاعة نحو السياج الحدودي ليُعطي من خلالها بُعداً وطنياً لا يُمكن مقارنتها مع زيارات أخرى لم يكن الهدف منها سوى جعل هذه النقطة بالتحديد نقطة ساخنة وصندوق بريد.
زيارة الحريري التي رافقه فيها وزير الدفاع الوطني وقائد الجيش، دلّت على مدى الجدية في تطبيق البيان الوزاري على الرغم من التحديات التي تواجهها الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أخذ على عاتقه منذ اللحظة الأولى لتسلمه موقع رئاسة الجمهورية، العمل على إستقرار البلد وأمنه، ومواجهة الصعوبات بالتضامن والتكافل مع بقية الأفرقاء السياسيين الذين وافقوا بكاملهم على البيان الوزاري للحكومة والذي تُنجز على أساسه، كل المهام الموكلة اليها. ومن ضمن هذه المهام، الإلتزام بالقرار 1701 المتعلق بالنزاع القائم بين لبنان وإسرائيل. وللتذكير أن القرار المذكور، كان تم التوافق عليه بالإجماع في 12 آب 2006 بما فيهم «حزب الله» الذي أعلن «سوف يحترم وقف إطلاق النار».
سعد الحريري، هو رئيس الحكومة الأول الذي يُخصص لمنطقة جنوب الليطاني ولمقر «اليونيفيل» على وجه التحديد، زيارة من هذا النوع منذ سنوات طويلة، وهو الذي قال بالأمس، «أردت أن ازور في الدرجة الأولى الجنوب والضباط المرابطين على الحدود»، وهذا تأكيد على الدور الذي يطلع به الجيش اللبناني لحماية الحدود من أي إنتهاك إسرائيلي من دون منّة من أحد خصوصاً وأن الزيارة كشفت عن مدى التعاطف الشعبي مع الدولة والحكومة، ومع الجيش على وجه الخصوص، وأيضاً التأييد الواسع للقوات الدولية والدور الذي تقوم به لجهة تثبيت الإستقرار ومنع الإعتداءات على لبنان وشعبه.
حميّد
عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أيوب حميّد، شدد على أن الرئيس الحريري أمس، تواجد بين أهله وناسه وفي بلده والجنوب هو أرض لكل اللبنانيين». وتابع: «إن الزيارة إرتبطت بحدث ما حصل وجاءت لترد على هذا الحدث بموقف أخر، وهو تحدث من موقعه كرئيس للحكومة وبإلتزامات لا يُمكن الخروج منها في ما يتعلق بالرأي العام الدولي وتحديداً القرار 1701، وهذا لا يتعارض مع مسلكنا وتصرفنا بأن اسرائيل هي دائماً التي تخرق هذا القرار»، مؤكداً انه «من حقنا كلبنانيين مواجهة هذا العدوان إلى جانب كل المقاومين وأهلنا الصامدين الصابرين وبالطليعة جيشنا الوطني».
وشدد على أن «تعزيز حضور الدولة ومؤسساتها في الجنوب ووجودها مع الدور الذي تقوم به، هو أمر يبعث الإرتياح، يعني غياب الدولة ومؤسساتها وأجهزتها عن بعض المناطق، يترك خللا ونوعا من المرارة لدى المواطن الذي يسعى إلى الإستقرار وديمومة حياته اليومية. ونأمل المزيد من الزيارات للدولة لتعزيز حضورها ووجودها على كافة الصعد»، مؤكداً أن الجيش اللبناني له دور أساسي ومفصلي في حماية الأمن الداخلي والإستقرار، إضافة إلى دوره وما قدمه من تضحيات في مواجهة الإرهاب وفي مواجهة العدو الإسرائيلي. ولذلك نقول دائماً بضرورة تعزيز حضور القوى الأمنية النظامية ورفدها بكل ما تحتاج إليه لتكون قادرة على القيام بواجباتها ومسؤولياتها».
حوري
أما عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، فقد أكد في بداية حديثه أن العراضة التي قام بها «حزب الله» يوم الخميس الماضي، أعطت صورة سيئة عن علاقة لبنان بالمجتمع الدولي خصوصاً في ما يتعلق بالقرار 1701 ونقلت صورة بعيداً عن ما يأمله اللبنانيون من فرض سيادة الدولة وسلطتها على كامل الأرض اللبنانية. زيارة الرئيس الحريري أمس، أتت لتؤكد أن الدولة بقدها وقديدها برئيس حكومتها ووزير دفاعها وقائد جيشها ومشاعر اللبنانيين، توجهت الى الجنوب، أولاً للتضامن مع قوات «اليونيفيل» المرحب بهم دائماً وهم الذين أمّنوا حماية واستقراراً لجنوب لبنان منذ العام 2006. ثانياً، ليقول للمواطن اللبناني في الجنوب إن الدولة هنا وهي موجودة لحمايته وانها هي الحاضنة».
وإذ شدد على أن «الزيارة أتت لتصحّح الصورة التي أساءت الى لبنان والى سيادة لبنان. وبكل تأكيد فإن قوات «اليونيفيل» في الجنوب هي جزء من الإستقرار الحاصل الذي ينعم به لبنان»، أكد أنه «لا بد من القول ان محاولة التصويب على هذه القوات وكأنها دخيلة أو بأن هناك إشكالية معها، هو أمر ليس في مصلحة لبنان. وهنا يجدر القول بأن زيارة الرئيس الحريري، أتت مُطمئنة في هذا الإتجاه، وهي عكست إرتياحاً عاماً في البلد»، مشيراً إلى أن «الرئيس أعلن من على باب قيادة الأمم المتحدة في الناقورة، أن الإتكال هو على الدولة اللبنانية وعلى الشرعية اللبنانية وعلى قوى الجيش والقوى الأمنية، وكذلك على ثقة المجتمع الدولي بلبنان».
المعلوف
بالنسبة إلى عضو كتلة «القوّات» النائب جوزيف المعلوف، فإن «الزيارة جاءت لتُلغي العراضة التي قام بها «حزب الله» والتي تتنافى مع البيان الوزاري لجهة خرق القرارات الدولية وتحديدا القرار 1701، ومن دون أن ننسى بأن جميع القوى السياسية داخل الحكومة، أيدت البيان الوزاري ووافقت عليه بما فيهم وزراء الحزب»، لافتاً إلى أن الزيارة بصحبة وزير الدفاع وقائد الجيش، هي للتأكيد أن الجيش هو حامي الحدود بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» في الجنوب، وهي رفض للظاهرة التي حصلت أول من أمس».
وقال: «من الطبيعي جداً بان خطوة الرئيس الحريري بالأمس، تؤكد على جدية العهد الجديد ورئيس الحكومة والحكومة مجتمعة، ببسط سلطة الدولة على كل أراضيها تمهيداً لحل السلاح المتبقي خارج شرعية الدولة»، مؤكداً أن الرئيس الحريري اثبت عن جدارة مدى حرصه على وحدة لبنان وعلى التعامل مع جميع المناطق من منطلق تثبيت شرعية الدولة، وهو أكد بالأمس أن هناك سلطة قائمة في ظل عهد جديد. وهذا يظهر أيضاً من خلال التعاون داخل الحكومة ولو بالحد الأدنى. ولا بد من التأكيد أيضاً، أن الحريري أعطى للعالم أجمع، نظرة مغايرة لتلك التي يحملها البعض بأن الجنوب خارج عن سيادة الدولة».
شمعون
بدوره جزم رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون، بأن الزيارة اثبتت وجود الدولة أكثر فأكثر خصوصاً في المناطق التي تُعتبر خارج إطار الدولة، وهي أكدت أن الدولة موجودة في كل مكان وأن مصلحة البلد لا تكون سوى بوجود الجيش على كامل الأراضي اللبنانية»، لافتاً إلى وجود رئيس الحكومة في جنوب لبنان وتحديداً في منطقة جنوب الليطاني هي رسالة للقريب والبعيد، بأن الدولة هي وحدها المعنية والمخولة بالدفاع عن لبنان واللبنانيين، وأن كل الحجج الداخلية والخارجية تسقط عندما تثبت الدولة وجودها في المناطق التي تشهد بعض التوترات سواء السياسية او الكلامية بين الحين والآخر.