IMLebanon

زيارة تيلرسون.. لا مفاجآت ولا ضمانات

 

لم تخرق زيارة وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الخاطفة الى لبنان جدار التوقعات، التي سبقتها ورافقتها، فإنتهت عند حدود الصور التذكارية و»التطمينات« الكلامية من دون أية ضمانات او التزامات تحفظ للبنان وسيادته وتصون أمنه واستقراره وحدوده وتحفظ حقوقه وثرواته النفطية في مياهه البحرية المؤكدة التي تنازعه »إسرائيل« عليها خصوصا في البلوك -9، وتمنع حقه في استخراج النفط والغاز – وتستبيح حرماته وسيادته بشكل يومي، براً وبحراً وجواً..

 

لقد استرسل الرؤساء الثلاثة (ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري) الذين التقاهم تيلرسون في تبيان الحقوق اللبنانية الموثقة والمؤكدة، مع تأكيد التزامهم ما أجمع عليه الافرقاء اللبنانيون كافة، كالنأي بالنفس »والتزام لبنان لها التزاماً تاماً وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى..« متجاوزين الدور الذي يقوم به »حزب الله« في الجوار السوري.. وهي مسألة عاد وأمسك بها المسؤول الاميركي خلال طلته الاعلامية المشتركة مع الرئيس الحريري، وانقلابه على ما كان أعلنه من الاردن قبيل مجيئه داعياً الى »الاعتراف بأن »حزب الله« جزء من العملية السياسية في لبنان..« وليعيد الى التداول الموقف الاميركي السابق من الحزب، وهو يقف الى جانب الرئيس الحريري، معلنا أنه »من المستحيل ان نتحدث عن الاستقرار والسيادة والأمن في لبنان من دون معالجة مسألة حزب الله«.. فالولايات المتحدة تعتبر »حزب الله« منظمة إرهابية منذ عقدين من الزمن، ونحن لا نقبل أي فرق بين ذراعه العسكرية والسياسية..« داعياً »الشعب اللبناني ان يشعر بالقلق تجاه تصرفات »حزب الله« التي تجذب انتباها سلبياً نحو لبنان..«.

من الطبيعي ان تكثر الأسئلة والتساؤلات حول معنى ان يفصح الوزير الاميركي عن كل هذه المكنونات، وهو في السراي الحكومي الى جانب الرئيس الحريري، الذي كان أعلن في كلمته في الذكرى الـ13 لاستشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري إحدى ثوابته المتمثلة بعدم التحالف مع »حزب الله«..

قد يكون من السابق لأوانه الحكم على ما ستكون عليه التطورات مع زيارة الوزير الاميركي، التي هي الأولى لمسؤول على هذا المستوى، بعد أربع سنوات على زيارة وزير الخارجية السابق جون كيري للبنان، في أيام »الفراغ الرئاسي« فقد تحدث »لبنان الرسمي« بلسان واحد مؤكداً ثوابته وتمسكه بحقوقه النفطية كاملة، وبسياسة »النأي بالنفس« و»التزامه التشريعات المالية الدولية وتوجيه بوصلة التحديات والمخاطر الحقيقية التي تهدد لبنان من زاويتيها الاسرائيلية والارهابية التكفيرية.. حيث طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تيلرسون »ان تعمل الولايات المتحدة على منع إسرائيل من استمرار اعتداءاتها علي السيادة اللبنانية، البرية والبحرية والجوية، والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 حفاظاً على الأمن والاستقرار في الجنوب، كما في سائر لبنان، ومشدداً على تمسك لبنان بحدوده المعترف بها دولياً.. ورفضه »ادعاءات إسرائيل بملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية..« داعياً واشنطن والامم المتحدة والمجتمع الدولي الى »لعب دور فاعل في هذا المجال..« مشدداً على ان »لبنان لا يريد الحرب مع أحد..«.

في قناعة عديدين، ان الرهان على دور أميركي موزون وعادل ومحايد هو من سابع المستحيلات.. وقد كان تيلرسون واضحاً في غسل يديه من أية التزامات توفر للبنان حقوقه وتحفظ له مصالحه بضمانات أميركية تجبر إسرائيل على احترام أي حل، مؤكداً في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الحريري ان »الولايات المتحدة ليست في موقف يمكن ان تضمن فيه أي شيء لدولة سيادية أخرى.. يمكن ان نلعب دوراً بناءً في ايجاد الحلول لاتفاقية حدود نهائية حول الخط الازرق، ونحن نعتبر ان المباحثات القائمة اليوم بناءة، والاسرائيليون أيضا بناؤون في هذه المباحثات، لنرى الحدود ويتم الاتفاق عليها، وبعد ذلك يحدد الآخرون اذا كانوا محتاجين لجدار أمني أم لا..«؟!

إنها دعوة واضحة وصريحة الى جلوس لبنان و»إسرائيل« الى طاولة واحدة لاجراء محادثات بحثاً عن حل او »تسوية نهائية«.. وقد أكد الرئيس الحريري »ان أي تصعيد او احتقان في المنطقة لا يفيد هذه المنطقة.. ونحن في لبنان نعاني خصوصا منذ سبع سنوات.. ولا يجب ان يكون ضحية لأي تهديدات او مشاكل من حوله.. ولا بد من الحوار لحل المشاكل بين بعضنا البعض..

لا يختلف اثنان على ان ما الت اليه زيارة تيلرسون الى لبنان لم ترق الى مستوى الضمانات بأن تعمل بلاده على منع إسرائيل من الاستمرار في اعتداءاتها على السيادة والحقوق اللبنانية والتزامها سائر القرارات الدولية ولم توفر اجابات كافية للأسئلة اللبنانية والتساؤلات، وقد خلت من المفاجآت، إذ اكتفى بنقل »وجهة نظر دولته المعروفة من سائر القضايا الداخلية والخارجية والملتزمة بامتياز مصالح الكيان الاسرائيلي وتطلعاته فإن بقاء ديفيد ساترفيلد في لبنان للمتابعة كان دليلاً على ان واشنطن تنتظر من لبنان ما يجب القيام به من وجهة نظرها..