Site icon IMLebanon

زيارة تعزيز العلاقات وتمتين الاوضاع اللبنانية

 

في قراءة عديدين من المتابعين، ان زيارة الموفد السعودي، المستشار في الديوان الملكي، نزار المعلولا، الى لبنان، مطلع هذا الاسبوع، والتي استمرت يومين التقى خلالهما الرؤساء الثلاثة (ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري) وروساء جمهورية وحكومات سابقين، وقيادات حزبية، سلكت طريق الترجمة العملية، وبسرعة لافتة، بزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى الرياض، (ليل أول من أمس) للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان، تلبية لدعوة رسمية نقلها اليه شفاهة المستشار المعلولا..

 

 

قد يكون من السابق لأوانه الحكم على ما ستؤول اليه هذه الزيارة، وهي في مطلق الاحوال ذات دلالات بالغة الأهمية، وينتظر ان تفتح صفحة جديدة على خط اعادة الحياة الطبيعية بين لبنان والمملكة، كما بين الرئيس الحريري والقيادات السعودية، بعد »غيمة الصيف العابرة« في تشرين الثاني الماضي.. وهي صفحة، لن تكون في نظر البعض مجرد اعادة اعتبار للعلاقات وازالة ما اصابها، بل بداية مرحلة جديدة في العلاقات وعلى كافة المستويات.. ورسالة واضحة الدلالة في أكثر من اتجاه ودلالة على اعاد المياه الى مجاريها الطبيعية تستند في قسم كبير منها على العلاقات الشخصية بين المسؤولين..

 

 

لا يخفى على كثيرين خصوصية الوضع اللبناني.. وفي قناعة البعض ان سقف ما ستكون عليه لقاءات الرئيس الحريري مع قيادات المملكة تبقى تحت سقف »اذا أردت ان تطاع فسل ما يستطاع..«.. وذلك على الرغم من ان لقاءات العلولا اقتصرت في الشق الكبير منها على أفرقاء سياسيين وحزبيين معينين، وإن اخترقها بلقاء الرئيسين عون وبري، مشيداً بحكمة الأول في ادارة شؤون البلد، وبـ»القامة الوطنية التي تبعث على الأمل والتفاؤل في لبنان« للثاني.. إلا أنها (أي اللقاءات) لم تكن في مضمونها تستهدف تقليب فريق على فريق او جهة على أخرى، خصوصاً وأن أفرقاء ما كان يسمى بـ8 آذار تفاءلوا بموضوعية وبهدوء مع هذه الزيارة خلاف ما كان متوقعاً..

 

 

في اللقاءات كان المستشار المعلولا في موقع المستوضح والمستطلع والسائل أكثر كثيراً مما كان يتوقعه البعض.. ولم يكن في موقع من يملي، داخل اللقاءات المغلقة او بعدها، وقد اقتصرت تصريحاته على جمل قصيرة مفيدة جداً وذات معنى، سواء الاشادة بحكمة الرئيس العماد عون في ادارة شؤون البلد والتزامه الدستور واتفاق الطائف او »القامة الوطنية التي تبعث على الامل والتفاؤل في لبنان، للرئيس نبيه بري.. وقد استرسل غالبية الذين التقاهم بالحديث عن العلاقات والرؤى المستقبلية.. آملين ان تشكل الزيارة بداية مرحلة جديدة، ومحطة انطلاق جديدة للعلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية.. لاسيما وان الزيارة تأتي في ظروف دولية واقليمية دقيقة خطيرة للغاية، كما تأتي ولبنان أمام تحديات بالغة الخطورة ايضاً (من بينها النزاع مع الكيان الاسرائيلي على الحدود البرية والبحرية والتهديدات الاسرائيلية للبنان المتتالية بغطاء أميركي) كما وأمام استحقاقات كبرى يقبل عليها ومن بينها الانتخابات النيابية المقررة في السادس من ايار المقبل.. ام على المستويات الاقتصادية والمالية والانمائية، وهو، (أي لبنان) على أبواب المؤتمرات الدولية المقبلة وضرورة دعم لبنان.. من ون ان تغيب القمة العربية المقررة في الرياض أواخر آذار، عن التداول، بالنظر الى ما يمكن ان تشكله من »محطة انطلاق جديد للعمل العربي المشترك ووضع الأسس العملية لحل الخلافات العربية – العربية، بحيث تكون قمة المصالحة بامتياز..« على ما قال الرئيس ميشال سليمان.. الكرة في ملعب الافرقاء اللبناني كافة.. والرئيس الحريري يحمل معه الى الرياض تجربة بالغة الأهمية والدقة، والجميع يدرك ان لبنان لا يحتمل سياسة الغالب والمغلوب، او التفرد بالحكم والقرار.. وقد أدركت القيادة السعودية صعوبة المرحلة التي يمر بها لبنان، وهي على قناعة باستحالة تمرير الاملاءات الخارجية، أيا كان مصدرها.. وفي قناعة عديدين، أنه، وكما ان زيارة العلولا الى لبنان، لم تكن »زيارة قرارات واملاءات« فإن زيارة الحريري ستكون زيارة اتصالات ومشاورات، بهدف انعاش العلاقات بين البلدين، والتي كانت تعرضت لـ»انتكاسة« مع تأكيد ان »المملكة هنا ولن يكون لبنان مساحة او ممراً لأي قوى اقليمية او خارجية، أياً كانت هذه القوى والدول وأياً ما كانت تحظى به في الساحة اللبنانية من دعم واسناد وركائزه مراكز قوى..

 

 

لقد بات واضحاً ان ايفاد المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا الى لبنان لم يكن ترفاً، او نزهة، او مجرد اثبات وجود، بقدر ما كانت الزيارة رسالة وفي أكثر من اتجاه خلاصتها ان المملكة الى جانب لبنان، دولة وشعباً ومؤسسات، ومدخلاً لتأكيد العلاقات الثنائية الثابتة بين الدولتين، وان التعاون سيستمر في كل المجالات وعلى كل المستويات.. خصوصاً وأن هذه الرسالة حملت في طياتها، وعلى نحو واضح، ان المملكة لم تدر ظهرها لحاجات لبنان وظروفه الصعبة التي يمر بها والتحديات والتهديدات التي تواجهه، كما وحملت دلالات واضحة تؤكد ان المملكة تحافظ على صداقاتها مع القوى السياسية، وان نأت بنفسها عن الصراعات الداخلية، حتى ضمن الفريق الواحد، وهي تسعى لجمع كلمة اللبنانيين وتوحيد جهودهم في مواجهة التحديات الداهمة وتعتبر ان الأمن والاستقرار غير ممكن من دون تثبيت ركائز الدولة ومؤسساتها التي يعود لها الحق باتخاذ القرارات الاستراتيجية وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها ومواجهة التهديدات عبر المؤسسة العسكرية من دون غيرها..؟! والجميع يتطلع الى عودة الرئيس الحريري الى لبنان وما ستكون عليه المرحلة المقبلة..