وسط تراجع وتيرة الحديث عن الزيارات الرسمية الى سوريا ،واعادة الملف الى دائرة المعالجة داخل الغرف السرية، مع دخول اكثر من طرف خارجي على خط هذا الملف الشائك، تحوم الشكوك حول العلاقة بين بعبدا وواشنطن ، والتي تاريخيا لم تكن على خير ما يرام، في ظل المد والجزر الكثير الذي رافقها.
وفي هذا الاطار يتوقف المتابعون عند غياب الزيارات الدورية للديبلوماسيين الاميركيين الى القصر الجمهوري، واقتصار تلك الزيارات على لقاءات رئيس الجمهورية البروتوكولية مع الوفود العسكرية الاميركية التي تزور بيروت لرفع تقاريرها الدورية الى قياداتها في البنتاغون، الذي يقال ان الرئيس الاميركي كلفه في الملف اللبناني بعد سحبه من وزارة الخارجية، وسط كلام يسمعه الزوار اللبنانيون الى واشنطن والمقربون من عوكر، عن عدم «راحة» و«ثقة» نتيجة الغطاء الذي يقدمه رئيس الجمهورية لحزب الله، وخصوصا بعد الكلام الذي قيل في الاعلام الفرنسي ومن على منبر الامم المتحدة، رغم محاولات احد ابرز النواب اللبنانيين المثيرين للجدل فتح قنوات اتصال بين الطرفين وتأمين موعد لقمة لبنانية – اميركية، يبدو ان موعدها سيطول كثيرا.
ففيما انتقلت الاجراءات الاميركية المتخذة ضد حزب الله الى شقها العملي، تركز واشنطن امام مراجعيها على ان ما يهمها حالياً في لبنان امران: استثماراتها العسكرية المقدرة بأكثر من مليار ونصف دولار، واستثمارها المالي، مشيدة بحكمة الحكومة اللبنانية التي اجادت التعامل في التعيينات في هذين المجالين مفضلة عدم الذهاب الى مواجهة مع الولايات المتحدة الاميركية واختيار اسماء تثير «نقزة» الاميركيين وحساسيتهم.
وتكشف المعلومات ان «الضغوطات التي مارسها الجانب اللبناني لدى الادارة الاميركية، عبر الوفود التي زارت الولايات المتحدة من نيابية واقتصادية ومالية، فضلا عن بعض «اجراءات الثقة» التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، ومن ابرزها التمديد لحاكم مصرف لبنان واختيار قيادة عسكرية لا تثير الشكوك وترتاح لها واشنطن، سمحت بكسر حدة العقوبات، وان نجح في المقابل واضعوها في الالتفاف على مسألة تسمية شخصيات لبنانية رسمية والاستعاضة عن ذلك «بطلب إصدار تقرير سنوي يتضمن معلومات عن أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله، وأعضاء المجلس السياسي للحزب، بالإضافة الى أشخاص يحددهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب من خلال الاجهزة الامنية بوصفهم شخصيات سياسية أجنبية مرتبطة أو تدعم حزب الله، ومعلومات عن كيفية وصول المساعدات المالية الى الحزب وكيف تم استخدامها، على أن يتم نشر التقرير على موقع وزارة الخارجية الاميركية على الإنترنت وجميع مواقع السفارات الأميركية، ليكون في متناول كل لبناني».
غير ان اللافت انه بعد أسبوع على إمرار لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس مشروعَي قانون يهدفان الى تشديد العقوبات المالية والقضائية على حزب الله ورفعهما الى مجلس النواب للتصويت عليهما، نقلت مجلة «فورين بوليسي»، كلاماً لافتاً عن رئيس اللجنة وعرّاب مشروع زيادة العقوبات المالية، النائب الجمهوري إد رويس، اكد فيه «ان ما سيصدر يتضمن عدة خطوات لسدّ آخر الثغَر المتبقية أمام حزب الله، ما سيعطي واشنطن نفوذاً قوياً»، مطمئنا الى وجود اتفاق جمهوري ـ ديموقراطي لتمرير المشاريع، التي حظيت بنقاش واسع وكبير مع اكثر من مسؤول لبناني»، كاشفا عن «حضور عميل للحزب جلسات المباحثات»، دون ان يكشف هويته. زاد من طين هذا الكلام بلة ما يحاول بعض النواب المحسوبين على اللوبي الاميركي التسويق له من انهم يعدون مجموعة من القوانين ضد حزب الله بالتعاون مع «ايباك»، (اهم لوبي صهيوني في الولايات المتحدة الاميركية).
مع الاشارة، الى انه في المعلومات ان القيادة الاميركية ستستمر في دعم الجيش اللبناني واعطائه سلاحاً نوعياً، كما ان الدعم العسكري الى تصاعد في المستقبل.
اوساط لبنانية متابعة للملف رأت في الصيغة الجديدة «تحايلا « خصوصا ان صلاحية معاقبة المؤسسات المالية التي تتعامل مع أي عضو في البرلمان أو أي وزير يكون عضواً في حزب الله او تابعاً له اعطيت للرئيس الاميركي بموجب قرار تنفيذي لا يحتاج تنفيذه الى العودة للكونغرس، والاخطر بحسب الاوساط هو الجو العام السائد لدى الاميركيين عن تفشي الفساد بنسبة كبيرة وواسعة في مؤسسات الدولة اللبنانية، ما قد يسمح بحدوث تلاعب، ما قد يشكل خطرا حقيقيا مستقبلا وحجة لوقف المساعدات تحت بند عدم جواز هدر اموال المكلف الاميركي، الامر الذي يخفي وراءه قطبة مخفية، خصوصا ان الهمس الذي كان اسير الحلقات الضيقة بدأ يخرج الى العلن من خلال انتقادات واتهامات حادة يوجهها نواب ومسؤولون اميركيون لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون نتيجة مواقفه السياسية، في مقابل تفهم واضح لموقع رئيس الحكومة سعد الحريري.
وتابعت الاوساط ان القانونين يحويان الكثير من الالغام في متنيهما يمكن ان تنفجر في اي لحظة، مرتكزة اساسا على امكانية ان تحتمل بعض النقاط اكثر من تفسير، معتبرة ان بيت قصيد القانونين يذهب ابعد من العقوبات المالية ليصل الى فرض تضييق سياسي وعسكري، وفقا لتقديرات الموقف الاميركي وللعبة شد الحبال الجارية، متخوفة من امكانية ان يفرض على بعض المصارف اللبنانية اقفال فروع لها، وسط همس عن اعداد الاميركيين لملفات بعض المصارف اللبنانية وتفاصيل عن نشاط افرعتها في المناطق اللبنانية.