إستهداف الزوار أول الغيث
. وفتح تحقيق حول قرصنة شاشات المطار مصير الحوار والحكومة على المحك
. وكلام السيّد يحمل أكثر من تأويل
تعيش البلاد هذه الايام انقساما واضحا ، لا بين فريقين سياسيين وحسب، بل أيضا بين نوعين من الاهتمامات والأولويات، تتراوح مروحتها بين السياسي – السيادي، والمعيشي- المطلبي، وسط اهتمام داخلي ، ومتابعة وتَقصي عدد من الدول الكبرى والاقليمية، لمعنى الكلام الذي أطلقه السيد نصر الله عن سقوط قواعد الاشتباك مع اسرائيل ووحدة الساحات ، و ما إذا كان ذلك يعني «انتهاء صلاحية» القرار 1701 وقواعد الاشتباك التي أرساها بعد حرب 2006 .
خطاب السيد نصرالله لقي انتقادات من الرئيس فؤاد السنيورة الذي أعطاه صفتي ، قابله فريق الرابع عشر من آذار بتحفظ قلق مشوب بالحذر من النيات الاسرائيلية المبيتة، بحسب مصدر نيابي في 14 آذار، في ضوء الاهتمام البالغ الذي خص به هذا الخطاب، من حيث نقله مباشرة ومترجما إلى العبرية عبر القنوات والإذاعات الإسرائيلية، في خطوة غير مسبوقة، ملاحظة ان نصرالله وسع قواعد الاشتباك ولم يلغها، او انه اضاف اليها قواعد جديدة، مغايرة للقواعد السابقة، قارئة في ذلك «مقاومة بلا حدود»، قد يستدرج ردود فعل اسرائيلية كلامية على الاقل، تصحيحا لموازين حملة بنيامين نتنياهو الانتخابية الذي شاء بعملية القنيطرة «ان يكحلها واذا برد حزب الله يعميها»، كاشفة عن تحضير قوى 14 آذار لإطلاق ورشة عمل تقويمية تهدف إلى إعادة رسم خريطة تحرك تواكب المرحلة المقبلة، وتحديد آليات العمل لمواكبة التطورات المتسارعة في لبنان والمنطقة.
ورأت المصادر في الخطاب نسف كل المحاولات الجارية داخليا وخارجيا لتحييد لبنان عن تداعيات الحريق السوري عبر فك الاشتباك الداخلي بين الاطراف المتصارعة وتنظيم الخلافات، واضعا البلد في قلب الاشتباك الاقليمي على قاعدة معادلة ثلاثية جديدة ، قوامها حارة حريك دمشق-طهران، أخطر بكثير من معادلة الجيش -الشعب المقاومة، مكرّساً إمساكه وبحسب المصادر في 14 آذار، بقرار الحرب والسلم متموْضعاً علناً كرأس حربة في مشروع اقليمي عبّرت عنه بوضوح الرعاية الايرانية المباشرة لاحتفال تكريم «شهداء القنيطرة» ثم اعلان قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري ان «رد حزب الله على إسرائيل يعتبر رداً إيرانياً»، ما يناقض عمليا كلام نصر الله الذي «أكد ان الرد على اي عدوان هو قرار لبناني لا علاقة له بالملف النووي الإيراني» غامزة من قناة الانفجار الذي استهدف الزوار اللبنانيين في دمشق ، والذي تبنته جبهة النصرة ، معتبرة انه الترجمة والنتيجة الاولية لتوسيع الساحات ، حيث يبدو ان المدنيين اللبنانيين سيكونون بدورهم عرضة ايضا للهجمات اينما تواجدوا.
عليه فان الاسبوع الحالي يحمل معه اكثر من محطة اختبار لانعكاس خطاب نصر الله على الساحة الداخلية اولها اليوم ، الموعد المفترض لاستئناف حوار حزب الله – المستقبل في عين التنية ، وثانيها يوم الأربعاء موعد الجلسة الأسبوعية للحكومة «التعايش الوطني»، الذي تتضارب المعلومات حول اجـوائهـا وما قد تؤول اليه النقاشات داخلها، حـيث كشفت اوسـاط وزاريـة تابعة لفريق 14 آذار الى ان معادلة حزب الله الجـديـدة، توجب خطوات وزارية عملية جديدة، اذ لا يجوز لاي فريق ان ينفرد بقرار الحرب والسلم وتحديد من هو العدو واين يتواجد تحت شعار حماية لبنان من دون ان يأخذ في الاعتبار ان هناك لبنانيين آخرين يتشارك معهم الحياة والقرار ، وتحذر الاوساط نفسها، من محاولة استغلال حسن نية الحكومة باعلانها ان العملية ليست خرقا للقرار 1701 ولم تتجاوز الخط الازرق في ما هي تعرف والمجتمع الدولي يؤكد، ان ما حصل هو خرق لهذا القرار، لانها ستكون ملزمة عندها بحماية للبنان مهما كلف الامر ، ولن تأخذ على عاتقها تأمين الغطاء لمجموعة من داخلها تطيح بالقرار 1701، كاشفة عن اتصالات متسارعة تدور في الكواليس من اجل حمل الوزراء على اتخاذ موقف في الحكومة.
وفي انتظار تلمس كيفية تلقف القوى السياسية الداخلية للنتائج التي ستترتب جراء تغيير قواعد الاشتباك، نبهت المصادر الى اننا على مسافة شهر من موعد صدور التقرير الدوري للقرار 1701، فاذا تضمن اشارة الى ان الحكومة اللبنانية أمنت الغطاء السياسي لعملية عسكرية يرى المجتمع الدولي انها خرقت القرار، كيف ستواجه هذا الواقع؟ وكيف ستستمر بمطالبة هذا المجتمع بمد الجيش بالسلاح والعتاد وتقديم المساعدات والدعم الدولي لمساعدة النازحين السوريين؟ مشيرة الى ان الصمت المطبق الذي التزمه الوزراء في الجلسة الاخيرة في اعقاب عملية شبعا، على رغم ان البلاد كانت على فوهة بركان ومشارف حرب جديدة، قد ينسحب على الجلسة التي تعقد الاربعاء المقبل نظرا لحساسية الوضع الحكومي، معتبرة ان مواقف نصرالله تحمل الكثير من التأويل، مذكرة بالتمايز في مواقفه بين الـ2006 واليوم، اذ بعد عملية خطف الجنديين الاسرائيليين التي سببت حرب تموز قال كلمته الشهيرة «لو كنت اعلم»، في حين قال هذه «اننا قبل ساعات من العملية وقرار المضي بها وضعنا امامنا كل الخيارات بما فيها الحرب الشاملة».
اما لجهة الحوار فيبدو انه على المحكّ ولا سيما بعد «عرض القوة» الذي تجلى في «المهرجان»، حيث اكدت مصادر «المستقبل» انه ورغم موافقته على تحييد ملف الاستراتيجية الدفاعية وانخراط الحزب في الحرب السورية عن جدول الاعمال، الا انه لا يستطيع تجاهل ما ورد في خطاب نصر الله ، لما انطوى عليه من تفرُّد في رسم المصير اللبناني اولا، ولجهة الفلتان الامني الذي رافقه والذي شكل انتكاسة لكل الآمال بامكان ايجاد صيغة لتنفيس الاحتقان ومظاهره وأبرزها السلاح واستخداماته الداخلية ثانيا، كاشفة ان قرار الحرب والسلم سيكون بندا اساسيا في الحوار بعد اليوم.
وكان بارزاً في هذا السياق مجموعة مؤشرات تضيف مصادر المستقبل اعتُبرت دلائل على الأجواء السلبية التي رسمت علامات استفهام وشكوك حول مصير مستقبل العلاقة بين الطرفين ،ابرزها:
– خروج الرئيس السنيورة متصديا لكلام السيد نصر الله ، محددا معنى الإجماع الوطني وكيفية الخروج منه والخروج عليه، منتقدا تسرعه وتفرده ملغيا إرادة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية التي أجمعت ووافقت والتزمت باحترام القرار الدولي 1701.
– مسارعة وزير العدل اللواء اشرف ريفي إلى الطلب من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود ملاحقة مطلقي النار وتوقيفهم، رابطا الامر بهيبة الدولة.
-طلب فتح تحقيق حول «القرصنة»، بحسب المصادر، التي شهدتها قاعات مطار رفيق الحريري الدولي ، مع احتلال البث المباشر لخطاب نصر الله الشاشات المخصصة لتحديد مواعيد وصول ومغادرة الطائرات ، ما سبب حالة من الفوضى والبلبلة بين المسافرين.وعلم في هذا الاطار ان الاجهزة المعنية باشرت تحقيقاتها لمعرفة الجهة التي اعطت التعليمات بالبث او ما اذا كان هناك اختراق ما حصل للاجهزة الالكترونية في المطار.