زوار المملكة: إتفاق الطائف ووحدانية السلاح مُرتَكَز أي تسوية في لبنان
العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة تزداد متانة عند كل استحقاق ولملف النازحين الأولوية
الحل المطروح للمنطقة يُعيد ترسيم نفوذ طهران بإتجاه دور سلمي وليس عبر ميليشيات وأذرع عسكرية
تخطّى المعنيون بالتسوية الرئاسية ما أثير على خلفية لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم في نيويورك على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعيد الإنتظام الى العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار «المستقبل»، في حين لم يلحظ أي تأثر في العلاقة الإستثنائية التي تجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس الحكومة سعد الحريري، ربما بفعل الثقة بينهما والنوايا الحسنة والعلاقة الأبوية والتي تزداد متانة مع كل إستحقاق، وهو ما يلاحظه المقرّبون من الرجلين عند كل مفصل.
في هذا السياق، تبدي قيادة التيار الوطني الحر تفهّماً للضغط الذي يمارس على رئيس الحكومة من دائرته السياسية القريبة والرامي الى إستيعاب جمهور تيار «المستقبل» حيال بعض المزايدات أو ربطاً بالإنتخابات النيابية ومسألة الصوت التفضيلي. وجددت القيادة، في أكثر من إتصال ولقاء أعقب لقاء باسيل بالمعلم، تمسكّها بصيغة العلاقة الناجحة بين التيارين، مؤكدة في الوقت عينه أنها ضنينة – حدّ بالغ الحرص- بموقع رئاسة الحكومة.
وتلفت قيادة التيار الى ضرورة أن يعي المسؤولون اللبنانيون حقيقة ما هو آتٍ من تطورات إقليمية، ربطاً – تحديداً- بالأزمة السورية، وأن يرتقوا الى مستوى الأحداث والتحديات كي لا يكون التلهي بالقشور مناسبة أو ذريعة دولية كي تفرض عواصم القرار تسوية إقليمية على حساب لبنان وكيانه، وخصوصاً في ملف النازحين السوريين، وهو الملف الأكثر سخونة والذي تنظر اليه هذه العواصم من منظار مصلحي بحت يرتبط بأي إنتخابات رئاسية سورية محتملة أو مرتقبة. لذا سيظل هذا العنوان أولوية التيار المطلقة الى حين تحقق النتيجة المرجوة وهي حصراً عودة النازحين لا تأمين المساعدات لهم لتثبيتهم في مجتمعات النزوح.
ولا تلتفت قيادة التيار الوطني الحر الى ما يُنسج من تحليلات ربطاً بالحراك السياسي، وتحديداً الزيارات الى الرياض، نظراً الى أنها أضحت على إطلاع – لو عام- بمجريات هذه اللقاءات وبعض تفاصيلها.
في المعطيات المتوافرة عن زيارة أحد المسؤولين الى المملكة العربية السعودية، أنه أثار تحديداً ما ورده من معلومات عن تسويات يجري نسجها لأكثر من أزمة في الإقليم، فشدد الزائر على أهمية ألا يكون لبنان دولة منسية أو لا يكون على طاولة أي نقاش أو تفاوض أو حوار إقليمي، لافتاً الى مخاطر إرساء تسوية في دولة معينة وترك باقي الدول أسرى نزاعاتها وأزماتها. وأكد أن أي تسوية يجب أن تأتي على مستوى كل المنطقة، وتتناول كل الأزمات التي تعصف بها من لبنان وسوريا الى اليمن والعراق، على أن تكون مرتكزة على حل يعيد ترسيم نفوذ طهران في الإقليم، إنطلاقاً من دور إيراني سلمي في المنطقة وليس عبر ميليشيات أو أذرع عسكرية.
وشدد الزائر مراراً على حقيقة أن المنطقة تشهد مرحلة يعاد فيها هندسة التسويات، ولا سيما على المستوى الفلسطيني – الإسرائيلي، ما يعني حكماً أن يكون لبنان جزءًا من هذا المشهد خصوصاً أنه أكثر من شهد وعاش وعانى من إرهاصات النزاع العربي – الإسرائيلي، وهو دفع بإطراد أثماناً باهظة منذ العام 1948، الى أن انهارت الدولة اللبنانية في العام 1969، لتشهد تباعاً حروباً متنوعة ساخنة وباردة.
ورأى الزائر على أن أي تسوية في لبنان لا تستقيم ما لم تستند الى إتفاق الطائف والدستور ومفهوم الدولة، والى وحدانية السلاح من خلال جيش واحد أثبت في حربه ضد الإرهاب قدرة إستتثنائية على التصدي له وهزيمته، ويستحق أن يُعطى كل فرصة متاحة ليكون المؤسسة الضامنة والحامية.
وسمع الزائر من المسؤولين السعوديين تأكيداً على أن الإرتباط السياسي والوجداني بلبنان يجعلهم حرصاء على الوقوف الى جانب لبنان، وأن أي تسوية لن تأتي على حسابه، وكل الدينامية القائمة ستؤدي حتماً الى تعزيز الإستقرار اللبناني.