صباح الحرف
الأخ اللبناني غسان الصفدي الذي يبدو من رسالته أنه مقيم في الخليج أسعدني برسالة بعثها يقول فيها: «أعجبني مقالك اليوم الســبت ٢٧ شباط (فبراير)، نحن اللبنانيين نطرح الســـؤال نفسه عن أنفسنا، ولا أسعني هنا إلا أن أتذكر مقولة للصحافي اللبناني المغدور جبران تويني بأنه تجب الاستعاضة عن برنامج التجنيد الإجباري الذي كان مفروضاً على الشباب اللبناني بإرسالهم كمغتربين للعيش خارج لبنان لفترة ليتـــعلموا وطنيتهم، وكيف يتعاملون بعضــهم مع بعض ومع محيـــطهم بعيداً من التقاليد والأعراف التي استحكمت بالحياة المحلية خلال العقود الماضية، والتي أدت إلى تدهور البلد سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً.
لا يسعني هنا إلا أن أطلب منكم ومن الإخوة الحكماء مثلكم أن تكونوا الصوت الطاغي في البلدان العربية عموماً وفي الخليج خصوصاً، وألا تضعوا الأغلبية التي لا تزال تؤمن بالأخلاقيات والقيم بتعاملها بمحيطها العربي خصوصاً والدولي عموماً بالسلة نفسها التي للأسف تريد فئة صغيرة، ولكن مستقوية، أن تضعنا فيها.
بدأنا نسمع أصواتاً في منطقة الخليج وعند ذكرها بعض التجاوزات والتصرفات الشاذة التي تقوم بعض المنظمات أو المجموعات اللبنانية بها باستعمال كلمة اللبنانيين بصورة عامة وهذا بالضبط ما تريده هذه الفئات التي اختطفت المنابر والشاشات».
انتهت رسالته التي يعقّب فيها على مقالي «استيراد لبنان» التي تـــساءلت فيها لماذا لا يعيش الإخوة والأصدقاء اللبنانيون في بلدهم كما يعيشون في الخارج، يعيشون بسلام، لا يظهرون الطائفية، ولا يتحزبون إلا لطلب الرزق والمعيشة.
هذه الرسالة ومعها رسالتان تصبان تقريباً في الاتجاه نفسه أخذتني إلى صوت لبنانيي الخارج، ليس الخليج تحديداً، حيث برزت المشكلة، ولكن في كل أنحاء العالم، وتذكرت تـــساؤل البعض هنا في الخليج عن أصوات المقيمين، ولماذا لا يستنكرون موقف الحكومة؟ وأجيب بسؤال: ترى أين القنوات التي يستطيعون من خلالها إيصال أصواتهم؟
يجب أن تذهب وسائل الإعلام المــرئي والمـــطبوع إليهم، وإذا كنا شهـــدنا تقريرين أو ثلاثة في بعض الصحف التي التـــقت مغـــتربين لبــنانيين في الشارع الخليجي من أصحاب المهن وأخـــذت منـــهم مقـــولات انطـــباعية، فإننا لم نشـــهد استكتاب أو اســـتنطاق ديبلوماسيين، واقتصاديين، وتنفـــيذيين في كبرى الشركات، وأصحاب أعمال، بل ومثقــــفين وشـــعراء في وســـائل الإعلام، وبالتالي لا يمكننا الحكم على صمتهم بقدر ما تمكننا إعادة النظر في طريقة إيصال صوتهم. وربما كان الاستثناء المهم نوعياً لكنه غير كاف كمياً، هو الكتاب اللبنانيون في الصحف العربية.
لجأت الجاليات اللبنانية في الخليج إلى الإعلانات المدفوعة المرتفعة الكلفة للتعبير عن موقفها، أو فلنقل موقف الغالبية منها، وإذا كان البعض نظر إلى هذه الإعلانات كدفاع عن مصالحهم، فلا بأس في أن يقف الإنسان إلى جانب مصلحته، خصوصاً وهي تعبر في النهاية عن أن مصلحته كجزء من الصالح العام اللبناني تتطلب مواقف حكومية لبنانية واضحة في دعمها لمن يدعمها من دول الخليج، خصوصاً السعودية.