Site icon IMLebanon

متطوعو الدفاع المدني :  لغة الرقي لا تنفع !

 منذ نحو شهرين تقريباً، أطل على المشهد اللبناني العام، متطوعو الدفاع المدني، للمطالبة بحقوق صبروا طويلاً على عدم نيلها. كان الشارع مزدحماً بكل أنواع التظاهر والاحتجاج لتجمعات مطلبية عديدة ومتباينة، ولكن القاسم المشترك بينها جميعاً كان هو الأسلوب. وقد اختارت تلك التجمعات التعبير عن مطالبها وأوجاعها وغضبها بخطاب خشن وفظ يصل غالباً الى مستوى السباب والشتم، واقترن ذلك عملياً بإشعال الإطارات، وقطع الطرق، ووصل أحياناً الى حد التدافع والتدافش مع القوى الأمنية…

***

أسلوب الإطلالة الاحتجاجية لمتطوعي الدفاع المدني قدم مشهداً مختلفاً، ومعاكساً لكل مظاهر بعض الاسفاف الذي رافق تظاهرات أخرى لها مطالب جادة. حرص الناطق باسم متطوعي الدفاع المدني على استخدام لغة خطاب موجه الى الحكومة وكبار المسؤولين، يتميز بالرقي والاحترام وبحفظ المقامات، ويسمو الى الأسلوب الدبلوماسي الرفيع. واقترن الكلام الراقي بسلوك يضاهيه رقياً، فتجمعوا في أمكنة لا تسبب ازعاجاً لا للمسؤول ولا للمواطن. وعندما ضاق بهم البر ذهبوا الى البحر في استعراض احتجاجي غير مسبوق، وتعففوا عن الاسفاف في القول والعمل…

***

توهم متطوعو الدفاع المدني أن ماضي تضحياتهم الكبيرة والمستمرة في الحاضر، وان اسلوبهم الراقي المختلف، بالمقارنة مع الاسفاف لدى الغير، كل ذلك سيلفت انتباه الحكومة اليهم، فتقدر لهم سلوكهم هذا، وتكافئ جهودهم باعطائهم أفضلية في اقرار حقوقهم على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء… ولكن ما حدث هو العكس! وهذا الأسلوب السلمي لمتطوعي الدفاع المدني بالقول والفعل، بعث برسالة خاطئة الي حكومة عودت مواطنيها على انها لا تتخذ قرارات بانصافهم الا اذا كشروا عن أنيابهم ومخالبهم، وأمعنوا نهشاً في جلدها ولحمها وعظمها، مقروناً بسفاهة الشتم والسباب!

***

بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي لم يتسع الوقت فيها لإقرار مطالب متطوعي الدفاع المدني، فهم المتطوعون الرسالة، وبأن الحكومة ترغمهم على تغيير أسلوبهم الراقي، وعلى مخاطبتها باللغة الوحيدة التي تفهمها. وعندها فقط ظهر المتطوعون للحكومة وجههم الآخر، فقطعوا كل الطرقات الرئيسية بحرائق الإطارات المطاطية، واستخدموا أسوأ لغة في الخطاب السياسي الموجه للحكومة. وأثبتوا أنهم يستطيعون التفوق في البلطجة كما في التهذيب! والآن فقط يمكن القول إن الحكومة ستقر مطالبهم في أول جلسة دون تردد! –