الذكرى الـ37 للثورة الإسلامية تحل هذه المرة في أجواء مختلفة، عنوانها نجاح إيران في فك الحصار الدولي، من دون تقديم تنازلات في ملفات إقليمية
الأبواب التي فُتحت أمام إيران بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع مجموعة «5+1»، هي نفسها التي أفسحت المجال أمام تساؤلات كثيرة تنطلق غالبيتها من ثنائية «إيران والمنطقة»، لتصبّ في ثنائية أخرى، أكثر خصوصية، هي «إيران ولبنان» اللذان تجمعهما «مزايا تفاضلية»، بحسب السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، خلال لقائه مجموعة من الإعلاميين أمس.
تزامُن اللقاء في الذكرى الـ37 لانتصار الثورة الإسلامية مع «الانتصار النووي» أعطاه زخماً آخر. ولأن الثورة الإسلامية حاضرة في الحياة السياسية الإيرانية، بكل أشكالها الداخلية والخارجية، نوّه السفير الإيراني بأن خطاب الثورة أوصل إيران إلى ما هي عليه، وساعدها على تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات، على رغم العقوبات والحظر والحرب التي فرضت عليها، حتى احتلت «مرتبة عالية في المجالات العلمية، وآخر هذه الإنجازات الطاقة النووية السلمية».
إلا أن ذلك لا يلغي واقع أن التوصل إلى الاتفاق النووي «تمّ بعد مفاوضات غير سهلة»، مشيراً إلى أن أطرافاً حاولت عرقلته والتشويش على المفاوضات بالترويج لـ»الإيرانوفوبيا». لكن إيران خرجت من كل ذلك «محافظة على مواردها، كذلك تمكنت من بناء علاقات»، على ما أضاف السفير الإيراني، مشدداً على أن «هذا الإنجاز الكبير برسم المنطقة برمتها».
«الخطاب المحمدي الأصيل» الذي كان وراء ما حققته إيران من إنجازات، يقف أيضاً وراء ما تدعو إليه دائماً، وهو «العمل على إيجاد عالم خالٍ من العنف والتطرف». ففي قضايا المنطقة، «نطالب كافة دولها وحكوماتها بالتوحد لدرء الخطر الارهابي الذي يتهددنا جميعاً»، معتبراً أن «تبنّي الخطاب الطائفي يخدم أعداء المنطقة، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني».
عن العلاقات السعودية ــ الإيرانية وتلويح الرياض بالتدخل البري في سوريا بعد تعليق محادثات جنيف، شدّد فتحعلي على أن بلاده «تأخذ في الاعتبار مصالح المنطقة عندما تقارب موضوع العلاقات الإيرانية ــ السعودية»، موضحاً أن «التطورات التي يمكن أن تطرأ والتحركات التي يجري الحديث عن الإعداد لها في سوريا، فيما لو حصلت، ستزيد من المشاكل التي تعاني منها المنطقة حالياً وتزيد من تعقيد الأوضاع».
التدخّل البرّي السعودي في سوريا سيعقّد الأوضاع
وأكّد أن «الشعب السوري هو الذي يحدّد مصيره بيده، وهو ما أكدت عليه إيران دائماً». وأضاف: «عندما نستعرض الأزمة على مدى خمس سنوات، نرى أنه بصمود سوريا، قيادة وجيشاً وشعباً، والمقاومة، يمكن القول إن سوريا حجزت لنفسها بطاقة ذهبية في التاريخ المشرف في مواجهة الإرهاب والتكفير». وسأل «سؤالاً موجوداً لدى الرأي العام في المنطقة، وهو: لماذا عندما تتمكّن مجموعة بشرية من التحرر من خطر الإرهاب والتكفير يرتفع الصوت لدى هذا الطرف أو ذاك؟».
وعن العلاقة بين لبنان وإيران بعد الاتفاق النووي الذي ذلّل العقبات أمام دعم طهران للجيش اللبناني، بعدما كانت الذرائع لرفضه مرتبطة بالعقوبات على الجمهورية الإسلامية، أكد فتحعلي أن «القرار في هذا الشأن مرتبط بالجانب اللبناني، وإيران مستعدة دائماً لتقديم هذا الدعم من دون شروط مسبقة ومن دول بدل». وأشار إلى أن «من الممكن اغتنام الفرصة السانحة لتعزيزها»، معتبراً أن «هناك مجموعة من المزايا التفاضلية الموجودة بين البلدين». ولفت إلى أنه «في الأشهر الماضية، تمكنّا من تمهيد الأجواء لإرسال 3 وفود لبنانية إلى إيران، وهو ما توّج بانعقاد اللجنة المشتركة الإيرانية ــ اللبنانية. ونقوم بالعديد من الخطوات لتفعيل الاتفاقيات».
وعن الملف الرئاسي، كرر السفير الايراني أن بلاده «لا تتدخل بأي شكل من الأشكال في الشؤون الداخلية اللبنانية، خصوصاً في هذا الملف»، منبّهاً إلى أن «التدخلات الخارجية إن حدثت تزيد المشكلة تعقيداً»، ومؤكداً أن «الطاقات السياسية اللبنانية بإمكانها أن تجد الحل الناجع لكافة المشكلات العالقة». وطالب «من يملك دليلاً على تدخل إيران أن يقدمه ونحن نتابع الموضوع»، لافتاً إلى أن «الجمهورية الإسلامية تتصرف بطريقة شفافة للغاية، يشهد عليها القاصي والداني». وأوضح: «نحن ندعم جبهة المقاومة في كافة المجالات، وأعلنّا ذلك، ولم نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى»، مشيراً الى أن «موضوع المقاومة أثبت أن التضحيات الجسام التي قدمها لبنان أدت إلى تكريس المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة»، معرباً عن اعتقاده بأن «التضحيات في مواجهة قوى التكفير والإرهاب ستسجل في سجل الشرف للشعب اللبناني العزيز».
وعن الحرب على اليمن، أكد فتحعلي أن «الحل الوحيد هو قيام حوار يمني ــ يمني تحت إشراف محايد من قبل الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «الجميع يرى أن اليمن يتعرض لهجوم غاشم وتمكن من الصمود». أما الانتفاضة الفلسطينية، فقد أشار إلى «أننا جميعاً مطالبون بدعمها ومساندتها، والتاريخ لن يرحمنا إذا قصّرنا في هذا المجال».