هل يكون وزير الصحة وائل أبو فاعور إميل بيطار الثاني أو رالف نادر الثاني؟
أم يبقى وائل أبو فاعور؟
هل تكون حملته على المواد الغذائية الفاسدة والمياه غير النظيفة والأدوية المزورة والمستشفيات المتلاعبة، ومراكز التجميل غير المطابقة للشروط الصحية، لن تكون مجرد همروجة في جمهورية الملفات المطوية بل تسير بهذه الملفات إلى النهاية؟
أبو فاعور يعرف ماذا يسأل الناس، وماذا يقضُّ مضاجعهم.
يعرف أنَّ التجارب التي سبقت، لم تكن مشجِّعة. ويعرف أنَّ وزراء كثراً أحرقوا أصابعهم وقضوا على مستقبلهم السياسي بسبب مبادئهم. ماثلة أمام عيني الوزير أبو فاعور، صورة زميله وزير الصحة إميل بيطار، في حكومة الرئيس صائب سلام في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، قرأ عنها جيِّداً، ويعرفهَا جيٍّداً، ولا يريد لها أن تتكرَّر.
وزير الصحة في حكومة الشباب التي ترأسها الرئيس صائب سلام عام 1970، إميل بيطار، لم يستطع مواجهة مافيا الدواء، لا في مجلس النواب ولا في مجلس الوزراء. ففي جلسة تاريخية لمجلس النواب في 14 كانون الأول 1971، أي في مثل هذه الأيام بالذات ومنذ 43 عاماً، وكانت مخصَّصة لمناقشة سياسة الحكومة العامة، عرض البيطار خطَّتَهُ الصحية وخاطب النواب مُطلِقاً صرختَهُ الشهيرة:
أنتم ممثلو الشعب، المطلوب منكم اليوم إما أن تُقرّوا بأنَّ الدولة هي أقوى من المستوردين أو أنَّ المستوردين هم أقوى من الدولة.
بعد حين، توجَّه البيطار إلى مجلس الوزراء عارضاً مشروعه الذي يُخوّله عند الضرورة القصوى سحب رخص إستيراد الأدوية بغية توفيرها، لكنَّ المجلس لم يتجاوب معه، فقدَّم في 24 كانون الأول من السنة نفسها إستقالته من الحكومة، ومما جاء في كتاب الإستقالة الذي رفعه إلى رئيس الجمهورية:
يؤسفني أن أؤكِّد لفخامتكم إستقالتي الشفهية التي أعلنتها خلال جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء 22 كانون الأول الجاري، إثر عدم تبنّي مشروع القانون المعجَّل المكرَّر الذي يُخوِّل وزير الصحة، عند الضرورة القصوى سحب رخص إستيراد الأدوية، بغية توفيرها، إتِّقاءً لكلِّ ما من شأنه الإضرار بصحة المواطنين والسلامة العامة.
الوزير أبو فاعور يقرأ هذه الوقائع ويطوي الصفحة، بالتأكيد لن يكون إميل بيطار الثاني، والإستقالة غير واردة عنده لأنَّه قرر مواجهة المافيات بعدما حظي بغطاء الناس، وهُم يريدون له أن يستمر.
لكن تحدي الذات أقوى من تحدي الناس، فهذه المهمة شبه المستحيلة تحتاج آلية وإلى مراقبة وإلى متابعة، فهل أجهزة الوزارة لديه قادرة على القيام بهذه المهمة؟
صحيحٌ أنَّه حقَّق الصدمة الإيجابية، وهي مطلوبة، لكن هل هي كافية؟
في أحدث مقابلة يقول:
الحملة الغذائية ليست همروجة بل باتت سياسة دائمة في الوزارة.
الوزير أبو فاعور يعرف أيضاً تجربة الأميركي، اللبناني الأصل، رالف نادر الذي وقف في وجه عدم السلامة في صناعة السيارات، وألَّف كتابه الشهير سيارة غير آمنة أبداً، منذ العام 1965، وفيه أثبت أن ما يتم إنتاجه من سيارات لا يهدف إلى سلامة السائق بقدر ما يتم التركيز على السرعة والمنظر دون السلامة.
أميركا غير لبنان:
في أميركا استطاع رالف نادر المواجهة، فيما في لبنان لم يستطع إميل بيطار المواجهة، فأيُّ الخيارين سيختار وائل أبو فاعور؟