IMLebanon

في انتظار حسم الوضع في سوريا واليمن حوارات الأحزاب لن تُنتج سوى التهدئة

يمكن القول إن استمرار اللقاءات بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، وبين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، تبعث على الارتياح في صفوف الناس حتى وان لم تحقق سوى إزالة التوتر وتخفيف الاحتقان بين هذه الأحزاب، وهو ما يساعد الجيش وقوى الأمن الداخلي على حفظ الأمن والاستقرار ولو في حده الأدنى. وقد لا تكون المرحلة الحالية تتطلب أكثر من ذك في انتظار أن تنجلي صورة الوضع المثير للقلق في المنطقة.

والسؤال المطروح هو: هل تنتقل هذه الاحزاب في لقاءاتها من مرحلة إزالة التوتر والتشنج في ما بينها الى مرحلة تحقيق وحدة الهدف سبيلاً لتحقيق وحدة الصف، لأن لا وحدة صف من دون تحقيق وحدة الهدف؟

يرى سياسيون متابعون أنه يصعب على هذه الاحزاب التوصل الى تحقيق وحدة الهدف ما دامت الحروب تعم دولاً عدة في المنطقة، ولا أحد يعرف متى تنتهي وعلى أي حل ستستقر. فالتيار الوطني الحر يختلف في موقفه عن “القوات اللبنانية” في كثير من الأمور. التيار يقف مثلاً مع الخط السياسي الإيراني، ومع المقاومة وسلاحها ومع تدخل هذا السلاح في سوريا وغير سوريا، الى حد أن رئيس التيار العماد عون أعلن أنه يرفع رأسه بالمقاومة، في حين أن “القوات اللبنانية” ليست مع الخط الايراني ولا هي مع سلاح “حزب الله” ولا مع تدخل هذا السلاح في سوريا وغير سوريا، ولا ترفع رأسها إلا بالجيش اللبناني وبالدولة اللبنانية. لذلك، يصعب جمعهما حول هدف واحد قبل أن تكون الحروب في دول المنطقة قد انتهت الى حل يجعل كل حزب في لبنان، قادراً على أن يبني على الشيء مقتضاه. وما بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، لا يختلف عما بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ما يجعل اللقاءات المستمرة بين هذه الاحزاب لا تعدو كونها لقاءات ترطيب أجواء تحقيقاً لتهدئة لا بدّ منها في المرحلة الدقيقة التي يواجهها لبنان ولجعله قادراً على احتواء تداعيات ما يجري في المنطقة واطفاء نارها كلما اقتربت منه أو امتدت اليه، وقد نجحت هذه اللقاءات في تحقيق ذلك ولا شيء أكثر في الوقت الحاضر، لأن تحقيق وحدة الهدف بين هذه الاحزاب توصلا الى تحقيق وحدة الصف ينتظر انتهاء الحروب في دول المنطقة ومعرفة نوع الحلول التي ستنهيها، أهي حلول تقاسم النفوذ فيها، أم حلول التقسيم، واي أنظمة ستقوم فيها، هل هي الانظمة الديموقراطية التي لا شيء يدل حتى الآن ان هذه الأنظمة تصلح في دول تشتد فيها الصراعات المذهبية والعرفية، بحيث لا حكم يصلح فيها سوى حكم الوفاق والتوافق الذي تتمثل فيه كل القوى السياسية والأساسية على أن يعقب قيام مثل هذا الحكم، ومنعاً للتقسيم نظام فيديرالي أو كونفيدرالي، في عدد من دول المنطقة.

وفي انتظار معرفة ما سوف ستستقر عليه دول المنطقة بعد انهاء الحروب فيها، فان الاحزاب المتناكفة والمتصارعة في لبنان لا تستطيع تحقيق وحدة الهدف نظراً لارتباط بعضها بخارج يريدها ان تكون الى جانبه في الصراع الدائر وليست حرّة في خياراتها الا بعد انتهاء هذا الصراع، ولا يمكن بالتالي تحقيق وحدة الصف ما لم تتحقق وحدة الهدف، وسيبقى كل حزب في موقعه وفي موقفه ولكن من دون ان يشكل هذا الاختلاف في المواقع والمواقف، خلافاً يبلغ درجة التصادم والاقتتال.

واذا كانت اللقاءات بين القوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر، توصلت الى “اعلان نيات” يتضمن مشاريع ومواضيع مهمة، فلأن التزام تنفيذها مؤجل الى ما بعد تبلور صورة الوضع في المنطقة، اذ لا مجال لتنفيذها والاهداف ليست واحدة بفعل التجاذبات الداخلية والعربية والاقليمية والدولية، وهذه التجاذبات هي التي حالت حتى الآن دون الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية ولا موقف واحداً من السلاح خارج الدولة، وهي المواضيع المهمة التي اذا صار اتفاق عليها يصر في الامكان اخراج لبنان من كل الأزمات التي يتخبط فيها بسبب استمرار الشغور الرئاسي، مع استمرار التجاذبات والصراعات بين دول المنطقة. فهل تتوصل الأحزاب الأساسية في لبنان الى اتفاق على انتخاب رئيس يستطيع ان يحقق الوفاق الوطني الشامل، وقد بات انتخابه مطلب الغالبية الساحقة في الداخل وفي الخارج، وعدم انتظار اتفاق الخارج عليه، وهو انتظار قد يطول لكي يفرض هذا الخارج على اللبنانيين رئيساً، وكأن لا شأن للبنانيين به أو أنهم يتدخلون بما لا يعنيهم…