IMLebanon

.. بانتظار انتهاء حرب «داعش والغبراء»

عجيب مريب أمر هذا المارد الإرهابي المتمدّد على بقاع الأرض من شرقها إلى غربها.. ولا ينفك يزداد تمرداً وتمدداً كلما ازدادت حملات مكافحته ومحاربة إرهابه! 

يصول «داعش» ويجول زارعاً الرعب والقتل والدمار بين بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وصولاً إلى القارة العجوز، بينما يبدو العالم بكل قواه العسكرية وقدراته الاستخباراتية ومقدراته التكنولوجية وأقماره الاصطناعية عاجزاً عن كبح جماحه التوسعي واقتلاع شوكته الإرهابية.. حتى بات السؤال يتردد بعلامات تعجب واستفهام أكبر حول مدى مصداقية وجدية الحرب على «داعش» وسط اتساع رقعة الانطباع بكونها إعلامية أكثر منها واقعية!؟

ففي سوريا، وفي الوقت الذي يتعاظم فيه هدير الحملات العسكرية الروسية والإيرانية والدولية ضد «داعش» على أرض البروباغندا الإعلامية، تتعاظم خسائر السوريين البشرية والعمرانية ويتساقط المزيد والمزيد من المدنيين العزّل على أرض الواقع حيث لا إرهاب ولا «داعشيون».. اللهم إلا في معركة «منبج» التي فرضت أبعادها الأميركية الكردية جديتها على أرض المعركة ربطاً بالأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها هذه المنطقة الواقعة في الشمال السوري ضمن نطاق ما يُعرف بـ«الروج آفا» التي يطمح الأكراد إلى إقامة حكم ذاتي فيها بدعم وتحفيز أميركي. 

وفي العراق، حيث باتت محاربة «داعش» رديفاً لصيقاً لانتهاكات «الحشد الشعبي» الإيراني، تتجه الأنظار راهناً نحو معركة الفلوجة وقد بدأت التقارير الميدانية المصوّرة والمتواترة ترد تباعاً لتوثيق ارتكاب عناصر ميليشيا الحشد جرائم مذهبية بحق أهالي المدينة تحت شعار تحريرها من «داعش».. في صورة طبق الأصل عن معارك مشابهة سابقة، كتكريت، تلبس لبوس الحشد الإعلامي والعسكري ضد «داعش» لكنها سرعان ما تظهر عن حقيقة كونها مجرد «حشد» ميليشيوي مذهبي ضد أبناء العراق السنّة الواقعين في الأسر بين مطرقة «داعش» وسندان «الحشد».

في اليمن، تقاطع مصالح صريح وجليّ بين «داعشيي القاعدة» و«حوثيي إيران» في تنسيق الهجمات ضد المناطق الخاضعة للسلطة الشرعية وقواتها الحكومية، وآخرها الهجوم الانتحاري «الداعشي» مطلع الأسبوع على تجمّع للمجندين في عدن ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات منهم فضلاً عن هجمات مماثلة أخرى تبناها «داعش» واستهدفت قيادات عسكرية موالية للحكومة اليمنية ومناهضة للتمرد الحوثي.

في ليبيا، تحاول قوات حكومة الوفاق استعادة ما أمكنها من المناطق الواقعة تحت سطوة «داعش» وها هي تتقدم باتجاه مدينة «سرت» المعقل الرئيس لهذا التنظيم الإرهابي الذي نما وترعرع تحت أنظار عالم هبّ هبة «رجل واحد» للقضاء بقبضة عسكرية حديدية على نظام القذافي ثم ما لبث أن أرخى قبضته بشكل مشبوه أمام تنامي الظواهر الإرهابية في مواجهة كل محاولات النهوض بالدولة الليبية.

أما في لبنان، فالعمليات الاستباقية العسكرية والأمنية تُسجل نجاحات بالغة الأهمية للجيش والقوى الأمنية في تحصين الساحة الداخلية الهشة وتأمينها في مواجهة مخططات الشرّ والإجرام والفتنة.. حتى إذا ما فقد اللبنانيون الأمل في إعادة ترميم شبكة أمانهم المؤسساتية بعدما شلّعتها رياح التعطيل السياسية وجعلتها مكشوفة أمام تآمر المتآمرين وتخابر الإرهابيين، أضحى الرجاء كله معقوداً على ديمومة «مظلة الأمان» الأمنية صلبة صامدة فوق رأس هذا البلد المتهالك الصغير بانتظار انتهاء حرب «داعش والغبراء» الكونية.. على أمل ألا تستغرق كما حرب «داحس والغبراء» الجاهلية 40 عاماً!