IMLebanon

محنة لبنان في انتظار ترامب

 

 

الثابت في لبنان هو إدمان الانتظار، والمتغير هو صاحب الوعد المنتظر. وليس انتظار الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة ولبنان سوى مرحلة من التعلق بحبال الهواء بعد مرحلة الرئيس جو بايدن، وقبل ترامب. وكلها حلقات في مسلسل الانتظار اللبناني والعربي لرؤساء أميركا الواعدين بتسوية الصراع العربي- الإسرائيلي.

 

 

رسالة ترامب إلى اللبنانيين سبقتها رسالة بايدن إليهم عام 2020. كلا المرشحين وعد بإعطاء الأولوية لإنقاذ لبنان. وكلا الرئيسين ترك لبنان على قارعة الطريق. فالكلام الرئاسي شيء، والفعل الأميركي شيء آخر. الرئيس بيل كلينتون تعهد للرئيس رفيق الحريري بأنه “لا اتفاق سلام بوساطة أميركا على حساب لبنان”، لكن إدوارد دجيرجيان اعترف بأن هذا التعهد لا يعكس واقع السياسة الأميركية. وفي احتفال تكريمي في البيت الأبيض لكبير الموظفين جون سنونو، وهو من أصل لبناني وفلسطيني، ارتجل الرئيس جورج بوش الأب كلمة قال فيها للبنانيين الحاضرين “أنا الرئيس الذي سيحل كل مشاكل لبنان”. لكن الخارجية الأميركية استدعت السفير اللبناني وقيل له “ما قاله الرئيس هو تعبير عن عاطفة وتضامن وليس عن السياسة الأميركية، فنحن نصنع السياسة”.

 

 

 

ذلك أن لبنان لا يظهر على الرادار الأميركي كبلد له قضية بل كقطعة على رقعة شطرنج. ففي كامب ديفيد رأى الرئيس جيمي كارتر أن لبنان “وعاء يغلي”، لكنه لم يعمل على وقف الغليان بل على “إبقاء الغطاء عليه” حتى لا يفسد الطبق الرئيسي وهو السلام الشامل عشية معاهدة كامب ديفيد. وقبله روى الدكتور هنري كيسينجر في “سنوات الاضطراب” أن الرئيس سليمان فرنجية سأله عن إمكان أن تحد واشنطن “من النفوذ السوفياتي وتريح لبنان من مشكلته الفلسطينية” فلم يقدم جواباً واضحاً، وقال في نفسه “لم يطاوعني قلبي للإقرار بأنه من غير المرجح أن ينجو لبنان من ضيوفه المفترسين”.

 

 

وبكلام آخر، فإن أميركا تنظر إلى لبنان من خلال المنظمات الفلسطينية وأمن إسرائيل، والدور السوري و”حزب الله” والدور الإيراني. فمن يهدد مصالحها أو يضمنها عبر صفقة هم اللاعبون الأقوياء في لبنان وليس البلد الضعيف المنقسم. أميركا تتحدث عن الحاجة إلى “رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد وإجراء الإصلاحات الضرورية لإنقاذ الاقتصاد من أزمته”، من دون الضغط الكافي في الداخل والإقليم لإنهاء الشغور الرئاسي، وتدعم إسرائيل في حربها لا بل إن ترامب يعد بدعم أقوى من دعم بايدن النووي.

 

 

وقديماً قال سن تزو: “إحفظ أصدقاءك قريبين وأعداءك قريبين أكثر”.