كما عداد الدولار «المصورخ» طلوع، فيما البلد «مصورخ» نزول، مع الجنوح المتواصل نحو مزيد من الانهيارات ومزيد من الهموم المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تفرض نفسها على وقائع اليوميات اللبنانية، كذلك عداد ايام الشغور الرئاسي، الذي يبدو ان المفاوضات والمباحثات الداخلية بشانها دخلت ثلاجة الانتظار في ظل عجز الاطراف السياسية عن احداث اي خرق، نتيجة تمترسها خلف مواقفها، منتظرة لحظة الحقيقة الخارجية التي ستفرض نفسها.
فالاستحقاق الرئاسي حضر اقليميا في كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قمة بغداد 2 في عمان، وعلى جدول اعمال اللقاءات الثنائية التي عقدت على هامشها، وكان حاضرا بقوة في الصرح البطريركي الذي زاره السفير السعودي، للقاء اكثر من استطلاعي، وفقا لما اوحت به التسريبات ،من كلا الطرفين، والذي شهد ايضا لقاء بين البطريرك والملحق الثقافي الايراني، الذي قيل ان محادثاته بقيت ضمن الاطار العام.
على هذه الخلفيات تحدثت مصادر سياسية عن ان غياب لبنان عن أعمال القمة الرسمية وبيانها لا يعني أنه لم يكن ملفا حاضرا على طاولة مشاوراتها الجانبية لعدة عوامل وأسباب، منها: اولا، اصرار الرئيس الفرنسي على طرح الملف اللبناني في كل لقاءاته مع اللاعبين الاقليميين والدوليين على الساحة اللبنانية، خصوصا، السعودية، مصر، ايران، وقطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ثانيا، الدور الذي تؤديه بغداد بين الرياض وطهران، والذي يشكل الملف اللبناني احد اوجهه، ثالثا، الوعد الذي سمعه البطريرك الماروني من الملك الاردني، الذي وعده باثارة ملف لبنان والسعي لايجاد الحلول الممكنة.
اما في ما خص لقاء بكركي، فقد اشارت المصادر الى ان ثمة من حاول الربط بين «تحدي» رئيس حكومة تصريف الاعمال «للشارع المسيحي» ودعوته الى انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، في غياب المكون الاساسي الشريك في الحكومة، وبين زيارة الرئيس ميقاتي الى المملكة العربية السعودية ولقائه ولي العهد الامير محمد بن سلمان، من باب ان الجلسة كانت شرطا للاجتماع، وهو امر مجاف تماما للحقيقة، اذ ان الرياض لم ولن تتدخل في مسالة الحكومة، وهي ما زالت على تصنيفها نفسه بالنسبة لتلك الحكومة، وهي ترفض اي تعاون راهنا مع الدولة اللبنانية، ما دامت موازين القوى لم تتغير.
وتابعت المصادر بان الزيارة الى الصرح جاءت لتؤكد على تبني الرياض لمطالب البطريرك ومواصفاته، التي تنطبق ايضا على رئيس الحكومة، الذي يجب ان يشكل فريقا متجانسا مع رئيس الجمهورية، مشددة على ان القيادة السعودية طمانت بكركي بانه لن يكون هناك من تسوية على حساب المسيحيين ولبنان، خلافا لما يروج له البعض، واضعة البطريرك في اجواء لقاءات الميقاتي على هامش القمم العربية – الصينية في الرياض.
واعتبرت المصادر ان الرياض تقف خلف بكركي في موضوع رئاسة الجمهورية، وان همومها ومخاوفها تتشاطرها مع الصرح، مبدية رغبتها بالتعاون من اجل خلاص لبنان وتخطيه محنته من ضمن مسلمات باتت معروفة، كاشفة ان اللقاء لم يتطرق الى الاسماء.
وحول مسالة الحياد كشفت المصادر ان الرياض تؤيد دعوة البطريرك الراعي، حتى في ما خص الدعوة الى مؤتمر دولي لبحث الملف اللبناني، خصوصا انه اوضح من الاردن جدول النقطة الاساسية للمؤتمر الا وهي كيفية تطبيق اتفاق الطائف، وهو ما تسعى اليه الرياض وتعمل من اجله بعدما انتزعت من العالم اقرارا باستمرار تسوية الطائف، بعد مؤتمر الاونيسكو.
اوساط سياسية متابعة رأت في كلام السفير البخاري، تقاطعا مع ما يعلنه الثنائي الشيعي، لجهة الاتفاق على رئيس، اي ان يحظى الرئيس باوسع مروحة تأييد من الاطراف السياسية الاساسية، والابتعاد عن رئيس تحد، معتبرة ان في ذلك خطوة نحو الحلحلة، عازية الامر الى التقدم الحاصل على صعيد التواصل بين الرياض وباريس، والذي على ما يبدو انه قطع شوطا لا بأس به.