Site icon IMLebanon

البخاري يقطع طريق مرشح نصر الله من بكركي!

 

لم يُشكّل إعلان «الثنائي الشيعي» على لسان أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه برّي تبنّي ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية نافذة حلّ للملف الرئاسي، بل زاد الأمور تعقيداً مع رفض السعودية إنتخاب رئيس من محور «الممانعة» وعدم قدرة «الثنائي» على تأمين الأصوات الكافية لفوز فرنجية.

 

تعمل بكركي بصمت من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعد فقدان الأمل من قسم من النواب، فقد ترى بأي تسوية خارجية عاملاً مساعداً لأجل إتمام الإستحقاق الرئاسي، في حين خرقت زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى بكركي أمس واللقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الجمود الرئاسي، وإن كان البخاري قد وضعها في إطار جولة جديدة على المرجعيات والفعاليات اللبنانية.

 

وتأتي أهمية زيارة البخاري بعد كلام السيد نصرالله المتعلّق بتبنّي ترشيح فرنجية، في حين حاولت غرف فريق «الممانعة» الترويج سابقاً بأنّ فرنجية لديه ميثاقية مسيحية عبر دعم البطريرك الراعي له. وطرح اللقاء بين الراعي والبخاري جملة مخاوف من الوضع الراهن مع تمدّد الفراغ والدخول السريع في نفق الإنهيار، وسط تأكيد البخاري عدم ترك المملكة للشعب اللبناني ومساعدته بغضّ النظر عن رأيها بالسلطة الفاسدة، فالعلاقة مع الشعب شيء ومع السلطة التي يرعاها «حزب الله» شيء آخر.

 

الراعي الذي شدّد على متانة العلاقة بين لبنان والسعودية عموماً وبين بكركي والرياض خصوصاً، تناول تاريخ هذه العلاقة والعمل على إعادة وصل ما انقطع في المرحلة السابقة، والتي يجب أن تكون من أولويات الرئيس الجديد المنتخب، إذ إنّ بكركي ترفض انتخاب رئيس لا يُعيد علاقات لبنان الخارجية إلى طبيعتها وعلى رأسها العلاقة مع الدول العربية والمملكة العربية السعودية.

 

لم يشأ البخاري، الذي أثنى خلال الجلسة على مواقف الراعي الوطنية وأكّد أنّ أبواب المملكة مفتوحة أمامه، الدخول في الأسماء المرشّحة للرئاسة أو تفضيل اسم أو وضع «فيتو» على اسم آخر، لكن السفير السعودي قال كلاماً حازماً في ما خصّ مواصفات رئيس الجمهورية حيث اعتبر أنّ الحكّام الحاليين أوصلوا البلاد إلى الإنهيار والشعب انتفض عليهم لذلك تُفضّل الرياض إنتخاب رئيس إصلاحي غير غارق في الفساد يعالج مشاكل الناس ويُصلح مالية الدولة، لأن أياً من البلدان لن يُقدم على مساعدة لبنان إذا لم يقم بالإصلاحات المطلوبة.

 

واسترسل البخاري أكثر في المواصفات المطلوبة من الرئيس، إذ شدّد على أهمية أن يكون الرئيس إصلاحياً وسيادياً في الوقت نفسه، فلا يتنازل عن سيادة البلد ويحافظ على المؤسسات، ولا يضع لبنان في محور مُعادٍ لواقعه الطبيعي ويُشرّع استعماله كمنصة صواريخ لاستهداف الدول العربية والصديقة، وبلاده لن تقبل بأي مرشّح لـ»حزب الله».

 

لم يكن الراعي بعيداً عن مواصفات البخاري، بل أثنى عليها وأكّد أن كل لبنان ينظر بأمل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يُعيد لبنان إلى موقعه الطبيعي ويباشر بالإصلاحات ويكون سيادياً وإنقاذياً، وتم الإتفاق بين الراعي والبخاري على استكمال المشاورات الداخلية والخارجية بعدما وضع السفير السعودي البطريرك في أجواء لقاء باريس الخماسي والتحضير للقاءات مماثلة واتفاق الدول الكبرى على إنهاء الفراغ وعدم إدخال القضية اللبنانية في دائرة المساومات والتسويات.

 

في الظاهر لم يُدلِ البخاري بتصريح علني رافض ترشيح نصر الله لفرنجية، لكن في باطن الأمور بات الجميع، ومن ضمنهم بكركي، على علم بموقف الرياض التي لن تمانع في انتخاب أي مرشّح، لكن على من ينتخبه تحمّل النتائج، فإذا أوصل «حزب الله» مرشحه سواء كان فرنجية أو غيره فالتعامل العربي والسعودي معه لن يتغير عن التعامل مع عهد الرئيس السابق ميشال عون.

 

ومن جهة ثانية، ترى بكركي في ترشيح بري ونصر الله لفرنجية مناورة جديدة ولعباً في الوقت الضائع، فبكركي لا ترشّح أي اسم، لكنها تعتبر إذا كان «الثنائي الشيعي» والحلفاء يريدون انتخاب فرنجية، فلماذا لا ينزلون إلى جلسات الإنتخاب ويصوّتون له، أو أنهما يريدان فرض مرشحهما بالقوة؟ من هنا يظهر عمق الأزمة في محاولة فريق بات معروفاً القفز فوق الدستور والقانون وفرض شروطه مستخدماً فائض القوة.

 

وفي الخبر الرسمي، جاء أنّ سفير السعودية وليد بخاري اكد خلال لقائه البطريرك الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، حرصه على «دعم المملكة للاستقرار في لبنان وسيادته وازدهاره»، معتبرا أن «السعودية لم ولن تدخل في أحلاف على حساب لبنان، وهي حتما ستدعم رئيس جمهورية منزه وغير متورط في أي فساد مالي أو سياسي، وأن يكون مشروعه حماية مشروع إنقاذ لبنان». وكان توافق على «وجوب إنهاء الشغور الرئاسي في أقرب وقت، للمساهمة في إيجاد حل للأزمة اللبنانية، التي أثرت سلبا على وضع الناس المعيشي والحياتي، وأثقلت كاهل الشعب اللبناني وظهرت تداعياتها على مختلف القطاعات من أمنية واقتصادية ومالية واستشفائية وغيرها».

 

كذلك، أكد الجانبان «أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل اللبنانيين جميعا من دون استثناء ومعه يستعيد لبنان دوره التاريخي في أن يكون صلة الوصل بين الشرق والغرب، بعيدا من أي اصطفاف أو حلف، وفق الرسالة التي حملها منذ نشأته، والتي ارتكزت على دعم وتسهيل لغة الحوار والتفاهم والتعايش بين مواطنيه في ما بينهم وبينهم وبين محيطهم العربي، وكذلك تفعيل علاقاته الدولية مع كل الدول على أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال وحرية الإنسان وكرامته».