حملة باسيل على الحريري لن تقوده إلى شيء.. والرئيس المكلف على موقفه
يكتنف الغموض مسار تأليف الحكومة الذي دخل شهره الخامس، بعد المواقف التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، محاولاً رمي كرة التعطيل في ملعب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ومتحدثاً عن الشيء ونقيضه، سعياً منه لذر الرماد في العيون، وكأن اللبنانيين لا يدركون من هو المعطل لعملية التأليف التي لا زالت تراوح، على وقع شروط باسيل وفريقه السياسي، بعدما رفضا السير بحكومة الـ18، مشترطين توسيعها إلى 20 أو 22 أو حتى 24، في مسعى للحصول على الثلث المعطل، من خلال ضم أطراف حليفه للعهد، كالنائب طلال إرسلان أو شخصيات أخرى، وهو أمر لم يعد خافياً على أحد، بعد اعتراف رئيس «العوني» أن الحكومة الجديدة ستستمر حتى نهاية العهد. وهذا ما يفسر تصلب الرجل في مواقفه، مدعوماً من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يماش الرئيس المكلف في كل الطروحات التي تقدم بها من أجل الإسراع في تأليف الحكومة.
وتعرب أوساط سياسية عن اعتقادها، أن «باسيل أراد من خلال ما قاله، أن يعفي نفسه من عرقلة عملية التأليف، ويحمّل الرئيس الحريري مسؤولية ذلك، بالتهجم عليه وعلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، محيداً «حزب الله» كعادته، لحفظ خط الرجعة معه، في الوقت الذي يعلم الجميع أن الرئيس المكلف قام بكل ما في وسعه من أجل تعبيد الطريق أمام ولادة الحكومة، وقدم تنازلات بهدف تجاوز العراقيل التي تؤخر التأليف، لكنه كان يواجه بمزيد من الشروط الرافضة لكل ما اقترحه لتجاوز المأزق القائم»، مشددة على أن «محاولة باسيل الاستقواء بالنظام السوري ورئيسه، يعكس بوضوح سعي رئيس «الوطني الحر» للارتماء مجدداً بالحضن السوري، وتعزيز روابطه مع حليفه «حزب الله» لحساباته السياسية والرئاسية التي لم تعد خافية على أحد».
وتجزم الأوساط، أن «حملة باسيل على الرئيس المكلف لدفعه لتقديم مزيد من التنازلات، لن تقود إلى شيء، لأن الرئيس الحريري لن يرضخ مهما اشتدت الضغوطات ضده، من جانب الرئيس عون وصهره، أو من الآخرين، باعتبار أنه حسم الأمر في كلمته في الرابع عشر من شباط، وقال ما يريد قوله في الشأن الحكومي. وبالتالي فإنه رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، سيما وأن الرئيس المكلف يسير في الملف الحكومي وفقاً للمبادرة الفرنسية المدعومة عربياً ودولياً، في وقت بدا من مواقف الفريق الآخر، أنه لم يعد متمسكاً بمضمونها، من خلال دعوته إلى توسيع الحكومة، لضمان حصوله على الثلث المعطل، بغية الإمساك بالقرار الحكومي في المرحلة المقبلة، في حال لم تجر الانتخابات الرئاسية في الـ2022».
ومع استمرار أجواء التعطيل القائمة من جانب الفريق «العوني»، فإن الرئيس المكلف سيواصل جولاته الخارجية، دعماً لوجهة نظره من عملية التأليف، والتي تحظى بتفهم واضح من الدول العربية والأجنبية، ومن أجل حشد أوسع دعم رؤيته الإنقاذية التي تحاول إخراج لبنان من هذا المأزق الذي يرخي بثقله على الجميع، في وقت لفت تحرك سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري على القيادات الروحية، إضافة إلى لقاءاته الدبلوماسية، في إشارة واضحة إلى سعي المملكة العربية السعودية، توفير وسائل الدعم للشعب اللبناني الذي يعاني ظروفاً بالغة الصعوبة، انطلاقاً من عودة الاهتمام الخليجي بلبنان، والذي يحتاج في المقابل إلى اتخاذ إجراءات من جانب لبنان لإعادة بناء الثقة مع دول مجلس التعاون، في ظل وجود عتب خليجي واضح على أداء المسؤولين الذين تجاهلوا استخدام أطراف داخلية، لبنان منصة للتهجم على المملكة ودول خليجية أخرى.
وتوازياً، يتوقع أن تتداعى قوى سياسية لبنانية معارضة، في إطار مواكبة الدعوة البطريركية التي أطلقها الكاردينال بشارة الراعي من أجل عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، برعاية الأمم المتحدة، ودعماً لموقف بكركي هذا بهدف مساعدة لبنان للخروج من أزماته، في وقت تثير دعوة البطريرك اهتماماً عربياً ودولياً، بالنظر إلى ما تمثله البطريركية المارونية من موقع وطني جامع، إلى جانب المرجعيات الروحية الأخرى.
وقد أكدت لـ«اللواء» أوساط مسيحية معارضة أن «خطوة بكركي هذه جاءت في ظروف بالغة الدقة يعيشها البلد، الأمر الذي يحتم على جميع الأطراف تأمين أوسع دعم ممكن لهذه الخطوة، باعتبارها خشبة الخلاص للبنان أمام محاولات ربطه بالمشروع الإيراني، وهذا ما يمنع تشكيل الحكومة حتى الآن»، خاصة وأن إيران كما تقول الأوساط، «ليست مستعدة للإفراج عن الحكومة، طالما لم تفتح أبواب الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن ملفها النووي»