: حذار المس بـ«الطائف» وإدخال اللبنانيين بمغامرات جديدة
سريعاً كان تحرّك سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، غداة تغريدته التي كتب فيها أن «وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ». ومؤكداً أن «البديل عنهُ لن يكونَ ميثاقاً آخر بل تفكيكاً لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ». بحكم أنه بدا مرتاباً من الدعوة التي وجهتها سفارة سويسرا في لبنان إلى عدد من الشخصيات السياسية، توازياً مع تزايد الحديث عن دعوات من جانب البعض لإعادة النظر بالنظام اللبناني. وهي دعوات غير بريئة تستهدف اتفاق الطائف الذي لعبت السعودية دوراً أساسياً في إقراره، والذي لا يزال يحظى بدعم عربي ودولي.
وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن السفير بخاري قد جدّد خلال لقائه الرئيسين عون وبري على دعم المملكة الثابت لاتفاق الطائف الذي أرسى دعائم الاستقرار في لبنان، وأنها تقف إلى جانب الشعب اللبناني، ولن تتخلى عن هذا الاتفاق الذي جاء بعد صراعات دامية شهدها لبنان، وأن السعودية ستبقى تدعم هذا الاتفاق، ولا يمكن أن تقبل بأي محاولة لتغييره. وأشارت المعلومات، إلى أن تحرك السفير بخاري، جاء استشعاراً منه بخطورة ما يحاك في الخفاء من محاولات غير بريئة للنيل من هذا الاتفاق، وتالياً أخذ اللبنانيين إلى مكان آخر قد يكلّفهم الكثير، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به المملكة أو غيرها من الدول الخليجية أو العربية.
وتكشف المعلومات، أنه ستكون لسفير خادم الحرمين الشريفين، جولات إضافية على عدد من المسؤولين اللبنانيين، السياسيين والروحيين، للتأكيد على وقوف السعودية القوي والدائم إلى جانب اللبنانيين، والتمسّك أكثر من أي وقت مضى باتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية، وأدخل لبنان في السلم، في وقت يتوقع صدور مواقف من قوى سياسية، تشدد على دعم التحرك السعودي الرافض أي مساس بوثيقة الوفاق الوطني، والداعي إلى استكمال تطبيقها، بدل الدعوات المشبوهة لعقد لقاءات يستشف منها، أنها تريد الانقلاب على اتفاق الطائف، وإدخال اللبنانيين في مغامرات جديدة.
وفيما يتحضر لبنان إلى التوقيع على اتفاق الترسيم البحري في 26 أو 27 الجاري، أكدت أوساط سياسية أن «اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل، أفسح في المجال أمام هدنة طويلة الأمد بين البلدين تمتد لسنوات طويلة، ستترك تداعياتها الإيجابية على حدود الدولتين، وهو أمر سيعطي الفرصة للبنان من أجل الاستفادة من عملية التنقيب عن النفط والغاز، بعدما سبقته إسرائيل بأشواط على هذا الصعيد»، مشيرة إلى أن «المجتمع الدولي الذي قام بدور أساسي في استعجال اتفاق الترسيم، سيحاول الضغط مجدداً في ما يتصل بضرورة إنجاز استحقاقي الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة، ضمن المهل الدستورية المحددة، بالرغم من الصعوبات الموجودة».
وكشفت الأوساط، أن «الأميركيين والفرنسيين أبلغوا المسؤولين اللبنانيين، أن إجراء الانتخابات الرئاسية وتأليف حكومة جديدة، شرطان حاسمان، لتأمين الدعم للبنان في المرحلة اللاحقة وإستعادة الثقة، وإلا فإن إنجاز الترسيم لن يؤتي ثماره، إذ لم يتم تعزيزه بهذين الشرطين اللذين يساعدان لبنان بدرجة كبيرة على إستعادة الثقة الخارجية به».
واستناداً إلى ما تقوله مصادر دبلوماسية، فإن «الاتفاق الذي وقّع بين لبنان وإسرائيل، بموافقة حزب الله ذراع إيران العسكري في المنطقة، يمثل نقطة تحول بارزة في الصراع بين لبنان وإسرائيل، قد تفتح الباب في مرحلة لاحقة، إذا سارت الأمور كما هو مرسوم لها، أمام سلام بين البلدين من ضمن سلام شامل في المنطقة، في حال تم تجاوز العقبات التي تعترض العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والغرب». والأهم في اتفاق الترسيم الذي تم التوصل إليه، برأي المصادر، أنه « يحظى بدعم كامل وقوي دون أي تحفّظ من جانب حزب الله، مع الطرف الإسرائيلي. وبالتالي فإن ما تحقق، ليس بالأمر السهل على الإطلاق».
وتشدد المصادر، على أن «اتفاق الترسيم يشكّل عاملاً أساسياً على صعيد إستعادة الثقة بلبنان ومؤسساته، بعد دخول لبنان نادي الدول النفطية بجدّية، وهذا بالتأكيد سيساعد اللبنانيين على تجاوز محنتهم، من خلال توظيف عائدات النفط والغاز، في التخفيف من الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يمرُّ بها لبنان منذ سنوات»، مشيرة إلى أن «المهم هو معرفة كيفية الاستفادة من العائدات النفطية، لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني، وتكوين احتياطي في المصرف المركزي، مع حرص عربي ودولي على إبقاء قنوات الدعم مفتوحة مع لبنان الذي لن يتخلى عنه أشقاؤه العرب وأصدقاؤه».