IMLebanon

في تلاقٍ مع الموقف الأميركي: البخاري والمواصفات التي لا تتطابق وترشيح فرنجية

 

متلاقياً مع الموقف الأميركي وبالمضمون نفسه تقريباً، أعاد السفير السعودي في لبنان تصويب بوصلة موقف بلاده من الإستحقاق الرئاسي. دعا «الكتل النيابية والقوى السياسية إلى تحمّل مسؤوليتها التاريخية والتّلاقي من دون إبطاء على إنجاز الاستحقاق الرئاسي»، من دون أن يستعرض أسماء مرشحين أو يوافق على أي مرشح أو يرفض آخرين. رمى عناوين عريضة وترك للبنانيين فك لغزها، فلا هو طمأن ولا وضع «فيتو» ولكنّ اللبيب من الإشارة يفهم.

 

في اليوم الأول لجولته لم يخرج السفير السعودي في لبنان وليد البخاري موقف بلاده المتعلّق برئاسة الجمهورية عن سياقه المعتاد، ومفاده أنّ على اللبنانيين التوافق على انتخاب رئيسهم. كأنّه تعمّد الإبقاء على الضبابية تحيط بموقف بلاده المباشر من ترشيح فرنجية. وفي المعلومات، فإن ما تناهى إلى مسامع أوساط فرنجية عن مباحثات السفير السعودي، لم يحمل إليها بوادر مطمئنة.

 

بعد طول انتظار عاد البخاري إلى لبنان فحرّكت عودته الملف الرئاسي ليس بالمعطيات الجديدة التي قدّمها وإنما في التأكيد على موقف بات متعارفاً عليه رغم وجود أطراف لا تزال تراهن على تبدله. باشر مروحة لقاءات ستشمل كل الأطياف السياسية باستثناء «حزب الله» و»التيار الوطني الحر». وكان تحرّكه محط رصد وترقب على أمل أن توضح مواقفه الخيط الأبيض من الخيط الأسود في انتخابات الرئيس وأن يعلن موقف بلاده صراحة من ترشيح رئيس «المرده» سليمان فرنجية. وغداة عودته حطّ البخاري في دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، خرج من دون الإدلاء بأي تصريح.

 

كلام عمومي كان البخاري ردّده على مسامع مفتي الجمهورية لينتقل من بعدها إلى عين التينة وتشكل تلك محطته الأساسية والأهم، ولكن كما في دار الفتوى كذلك في عين التينة خرج من لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري يردّد كلاماً عمومياً يعبّر عن أن بلاده لا تزال تؤكد على الثوابت في الإستحقاق الرئاسي. في القراءة الأولية لا يمكن فهم مثل هذا الموقف على أنّه يتضمّن دعماً لترشيح فرنجية بالنظر إلى كونه لا يزال ترشيحاً مختلفاً عليه بدليل ما كشفت عنه معلومات مصادر موثوقة من أنّ سفيرة فرنسا آن غريو تبلّغت من رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط رفضه انتخاب سليمان فرنجية ليضاف موقفه إلى جملة المواقف الرافضة وأهمها للكتل المسيحية الوازنة أي «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية».

 

وفي معراب كما في غيرها من المحطات بات واضحاً أنّ المملكة تكتفي بمقاربة عمومية للإستحقاق الرئاسي اللبناني من دون التدخل في التفاصيل. على اللبنانيين التوافق بشأن رئيسهم من دون الدخول في الأسماء مستعيضة عنها بتحديد مواصفات، وعلى قاعدة «اللهم أني بلغت» تركت للمسؤولين تحمّل مسؤولية خياراتهم، ما يعني أن انتخاب رئيس من خارج المواصفات التي حددتها لن يلقى تأييدها ودعمها.

 

تستبعد مصادر سياسية مواكبة أي تغيير في موقف السعودية وتقول إن المملكة لا تزال تصرّ على عدم ملامسة الإستحقاق الرئاسي بالمباشر أو تبني شخصية رئاسية غير متفق عليها لا سيّما بعد توقيع الإتفاق مع إيران الذي سيوقف هجومات «حزب الله» عليها بما يجعلها بغنى عن أي إتفاق مباشر معه.

 

بالموازاة تفصح مصادر مواكبة أنّ الثنائي الشيعي ورغم كل مواقفه المعلنة فهو بات شبه مؤكد ضمناً إستحالة وصول فرنجية لكنه لن يغير في دعمه وصولَه مهما طال الفراغ خاصة أنّ إيران كما سوريا أحالتا مراجعيهما في الشأن الرئاسي إلى «حزب الله» الذي يصطدم بعقبة الفيتو المسيحي على مرشحه. ما يطمح اليه الثنائي الشيعي ليس موافقة السعودية على فرنجية وإنما الدفع باتجاه موقف محايد يطلق سراح الكتل النيابية التي ترهن موقفها بموقف السعودية وعلى وجه الخصوص النواب السنة. لكن بموافقة السفير السعودي والموقف الأميركي الشبيه له وانسحاب الفرنسي من الترويج لفرنجية تكون الصورة باتت أوضح… اللهم إلا إذا كان استكمال الجولة سيحمل جديداً غير معلن بعد.