IMLebanon

رحيل المعلّم في خمسينية النظام

 

لن يبقى في ذاكرة اللبنانيين عن وليد المعلّم، وزير الخارجية السورية منذ شباط 2006، سوى محضر إجتماعه الشهير مع الرئيس رفيق الحريري عشية اغتياله.

 

كان المعلّم مُستمعاً لملاحظات الحريري حول أداء قيادته وممثّليها في لبنان، بصفته نائباً لوزير الخارجية، مكلّفاً بإدارة ملفّ العلاقات السورية – اللبنانية، ولا يُعْتقد أنه نجح في إيصال رأي الحريري، لأنّ قرار القتل كان دَخَلَ دائرة التنفيذ.

 

تلك التجربة يُمكن أن تختصر الدور السياسي للمعلّم. فهو أقرب لأن يكون موظّفاً ديبلوماسياً دمشقياً، من أن يلعب دوراً نافذاً في سياسة العائلة الحاكمة. وفي المرّات القليلة التي تنطّح لإبداء رأي أو اتّخاذ موقف، أثار استهزاء سامعيه وقرّائه وسامعيه. كانت حاجته الى تأكيد الولاء لرئيسه، دافعاً لإعلانه، بعد اتخاذ الإتحاد الأوروبي مواقف تضامنية الى جانب الشعب السوري في انتفاضته السلمية، “اننا سننسى أنّ أوروبا على الخارطة”، ولقوله متفاخراً في مناسبة ممانعة لبنان التعاون الكامل مع النظام السوري، “بعد سبع سنوات حرب ليس لدينا قمامة في الشوارع كما هي الحال لدى جيراننا!”.

 

كان المعلّم يَقصد لبنان، الغارق هو الآخر في نفاياته السياسية الموروثة من المدرسة إيّاها التي تحكّمت بلبنان، ونقلت الوزير الراحل من سفير الى وزير الى الأبد. ويعرف المعلّم اللبنانيين جيّداً منذ أن كان سفيراً لمدّة خمس سنوات (1975-1980) في بوخارست. ففي تلك العاصمة كما في غيرها، تحرّك الطلّاب اللبنانيون مُحتجّين على التدخّل السوري في لبنان، ولا شكّ أن الحالة نفسها عاشها المعلّم لاحقاً في واشنطن حيث عَملَ سفيراً لحكومته (1990-1999) قبل أن يخوض جولات المفاوضات الإسرائيلية – السورية.

 

لم يكن المعلّم عبد الحليم خدّام الثاني، ولا حتّى فاروق الشرع. اختار عموماً البقاء في خلفية المشهد، وانطلق معاونون في وزارته لإتخاذ المواقف الملائمة للنظام في مرحلة ارتباكه. وهو لا شكّ، كان يفضّل أن يكون كاتباً سياسياً إلّا أنّ “العمل مع نظام ديكتاتوري لا يترك لك خياراً ثانياً ما دمتَ حياً، فالقائد هو من يقرّر مصيرك”. قال المعلّم ذلك في أحد الأيام لزميل عربي، واستمرّ في منصبه ليرحل، في مصادفة مُلفتة، يوم الذكرى الخمسين لاستيلاء آل الاسد على السلطة!