الحريري الأقوى سنياً.. السنيورة «باي – باي «.. أين «السياديّون» من تدخلات البخاري؟
كلام السفير السعودي وليد البخاري عن نتائج الانتخابات النيابية وسقوط رموز» الغدر والاجرام» كما وصفهم، قاصدا حلفاء سوريا، يشكل قمة التدخل في الشؤون الداخلية، حسب اوساط سياسية متابعة، وتجاوزا لكل الاعراف الديبلوماسية بين الدول، وادانة للتسوية السورية – السعودية واتفاق الطائف برعاية الملك فهد بن عبد العزيز وبعده الملك عبدالله، ولكل الجهود العربية، ويكشف تصريح « البخاري» عن مأزق سعودي تحاول الرياض الخروج منه بمواقف تصعيدية منحازة بالمطلق ضد قسم كبير من اللبنانيين والتعامل معهم كاعداء بشكل مخالف للتوجهات السياسية الرسمية السعودية بالحوار مع ايران وسوريا .
كما يشكل التصريح، تضيف الاوساط، أكبر ضربة للجهود الفرنسية في ارساء الحل على قواعد ثابتة دون عزل أي فريق، وحتى السوريين في عز وجودهم في لبنان لم يتحدثوا في مثل هذه الطريقة التي أعتمدها السفير السعودي، لكن الغريب في الامر التعتيم التي مارسته كل القوى «السيادية» من سياسية واعلامية و»تغييرية» على هذا التصريح وعدم التطرق له، وكأنه شيئا لم يكن، وتم تجاهله في كل الحوارات على شاشات التلفزة «السيادية»، كون التصريح يشكل أساءة صريحة وواضحة ومكشوفة لكل المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب السنة، وتحديدا الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام واسامة سعد وعبد الرحمن البزري وحسن مراد وغيرهم.
ان كلام البخاري يؤسس لمزيد من التوترات والصدامات وتعميم اجواء شبيهة بالاجواء التي سادت البلد عشية الحرب الاهلية عام ١٩٧٥، علما وحسب الاوساط، ان اللبنانيين كانوا ينتظرون مبادرة سعودية بعد الانتخابات تتضمن اعادة بناء مستشفى البربير واحياء «جمعية المقاصد» ودعم دار «الايتام الاسلامية» وتقديم مساعدات لفقراء طرابلس والبقاع وصيدا، بدلا من تصريحات عن انتصارات انتخابية وهمية ومتوترة لاتقدم او تؤخر على ارض الواقع اللبناني، ولن تمنع الانهيار اذا لم تبادر الرياض الى فتح خزائنها وهذا ما يريده اللبنانيون حاليا؟ واكدت الاوساط ان كلام البخاري عن حلفاء سوريا، يناقض أصول اللياقات الديبلوماسية والنظر الى لبنان «كمقاطعة».
وتسأل الاوساط البخاري: هل أستعادة الدورالسعودي باتت ممكنة بعد اقصاء طلال ارسلان ووئام وهاب وفيصل كرامي وايلي الفرزلي المعتدلين والمتمسكين بافضل العلاقات مع الرياض، والذين أشادوا في اكثر من مناسبة بسياسات الامير محمد بن سلمان؟
وتستغرب الاوساط عدم تحرك وزارة الخارجية باستدعاء السفير السعودي ومساءلته عن تصريحاته والتعامل، كما تعاملت الرياض مع تصريحات وزير الخارجية السابق شربل وهبي، واعتبار ما قاله عن الرياض أكبر اساءة لدول مجلس التعاون الخليجي، ولم تتوقف الحملات «السيادية» الا بعد استقالته، كما مارست نفس القوى الاسلوب الصدامي التخويني على وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ردا على تصريح يتضمن بعض الملاحظات على الموقف السعودي، فيما تصاريح البخاري كأنها لم تكن، ولم تستهدف أي لبناني وتجاهلها «السياديون بشكل كامل»..
وتستغرب الاوساط ايضا، النهج السعودي في التعامل مع لبنان منذ ٤ سنوات ودفع الامور نحو المواجهة والفوضى الحتمية . هل من المعقول ان يستغل البخاري الذكرى الجامعة لاستشهاد المفتي حسن خالد، ليشن اعنف هجوم على قسم من اللبنانيين، فيما جريمة مقتل الرئيس رشيد كرامي مكشوفة وواضحة ويتم تجاهلها من البخاري وعدم التذكير فيها او الاشارة اليها، رغم ان الشهيد كرامي كان يمثل الزعامة السنية الاولى.
وتضيف الاوساط، ان اللبنانيين في مختلف طوائفهم وقياداتهم سيدفعون ثمن التخلي عن الرئيس سعد الحريري المعتدل وتركه عرضة للهجمات السعودية، واذا كان البخاري يتحدث عن سقوط رموز التبعية لسوريا، كان عليه الحديث ايضا عن سقوط «الرمز السيادي السعودي» الاول في لبنان فؤاد السنيورة رغم كل الاموال التي دفعت له مع مصطفى علوش وكل الرموز الذين عارضوا سعد الحريري ووقفوا مع الرياض، وهذا يؤشر الى فقدان الهيبة السعودية، حيث بات السنّة من دون رأس، كما ان النواب السنّة «التغيريين» ضد السياسات السعودية في لبنان ومتمسكون بالديموقراطية الاميركية وينتقدون غيابها عن الرياض.
بالمقابل، فان العملية الانتخابية الديموقراطية في لبنان حازت على أعجاب العالم، وجرت في ظل وجود سلاح حزب الله وقوته، ونجحت «القوى التغيريية» بما فيهم «القوات اللبنانية» في بعلبك وحاصبيا في قلب المناطق التي يسيطر عليها حزب الله، فيما كل العالم يطالب الرياض بالسماح للشعب السعودي بممارسة حقه الديموقراطي الانتخابي، واذا كان البخاري يتغنى بالديموقراطية، عليه ان يتصفح يوميا الصحف الاميركية والاوروبية وما تنقله عن الاوضاع الداخلية في بلاده، بالاضافة الى ملف الخاشقجي وغيرها من الملفات.