ما قاله وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال المهندس أمين سلام، عن رغبة دولة قطر بمساعدة لبنان في موضوع الكهرباء، وتقديم ثلاثة معامل تعمل على الطاقة الشمسية أثار دهشة اللبنانيين وفضول المعرقلين، إذ عرّاهم أمام مواطنيهم وكشف حقيقة مواقفهم.
وأكد سلام أنّ عمله يصب في المصلحة اللبنانية العليا، وهو على مسافة واحدة من كلّ الأفرقاء السياسيين.
وكان وزير الاقتصاد قد كشف في مقابلة مع برنامج “المشهد اللبناني” على قناة “الحرّة”، انه خلال زيارته الى قطر، سأله وزير الطاقة القطري عن سبب عدم المباشرة بتنفيذ العرض الذي قدّمته قطر الى لبنان، والذي ينص على بناء ثلاثة معامل كهرباء بتكلفة صفر، مقابل تحديد ثلاث قطع أرض صغيرة لإنشائها، مشيراً الى أنّ الدولة اللبنانية نيّمت الملف نحو عام.. وإذ رفض تحديد الجهة المعرقلة، اكتفى بالقول: كل الأحزاب المعنية بموضوع الطاقة هي وراء التأخير الحاصل في المبادرة القطرية. كما تحدّث سلام عن ردّة فعل وقحة من إحدى الشخصيات السياسية بسبب زيارته قطر وتصريحه عن هذا العرض.
أما عن أسباب “تنييم” هذا الملف فقال: إنّ “التنييم” ناتج عن المحاصصة والنكد السياسي… وربما بسبب مواقع الأراضي التي ستبنى عليها المعامل… فكل طرف يريد أن يكون المعمل في منطقته.
لكن الفضيحة الكبرى جاءت من ردّ وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض حين قال:
أولاً: إنّ الهِبة القطرية بحاجة الى موافقة من مجلس الوزراء..
والجواب هنا بسيط وواضح… معك كل الحق يا معالي الوزير… ولكن أين المشكلة؟ وهل تظن أنّ مجلس الوزراء الكريم، لا يوافق، خصوصاً أنّ قطر من الدول التي تتميّز بعلاقاتها الودّية مع لبنان؟ ولا ينكر أحد محبتها لكل اللبنانيين على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم.. وأذكّر من يتناسى “فضل” قطر، أنه يوم تعثّر المجلس النيابي في عملية انتخاب رئيس للجمهورية، بعد انتهاء ولاية سيّئ الذكر العماد اميل لحود، عمدت قطر الى مساعدة لبنان في أزمته بعد هذا التعثّر، فكان “اتفاق الدوحة” وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية..
ومن منّا ينكر مساعدات قطر لبناء ما تهدّم في لبنان بعد حرب تموز 2006، وزيارة الشيخ حمد الى بيروت واستقباله استقبال الأبطال، فمدّ يد العون للجنوب وكل المناطق اللبنانية المدمّرة.
ثانياً: يقول وزير الطاقة: إنّ موضوع الكهرباء بحاجة الى توافق نيابي، كما حصل في عملية البواخر..
والجواب هنا بسيط أيضاً، إذ أقول لمعاليه: كنت أتمنى أن تظلّ صامتاً لأنك كمن “صام دهراً ونطق “كفراً”، لأنّ عملية استئجار البواخر لإنتاج الكهرباء، والتي بدأت باستئجار باخرة ثم اثنتين… هذه العملية كانت أسوأ عملية في تاريخ الصفقات المشبوهة… والتي لولا التدخلات السياسية، خصوصاً أنّ وراءها صهر الرئيس السابق وطفله المدلّل جبران باسيل، لكانت أكبر فضيحة في تاريخ الكهرباء، وتاريخ فضائح سرقة أموال الدولة، والأنكى من ذلك ان الذين سرقوا وساهموا في هذه العملية المشبوهة راحوا يتغنون بها ويمجّدونها… وكأنهم لم يخجلوا من أعمالهم تلك التي كشفها القاصي والداني.
لقد كابر أولئك الفاسدون، لأنهم لم يجدوا من يحاسبهم على أعمالهم الشنيعة… فهم محميّون سياسياً… بينما هم في الحقيقة منعوا الكهرباء عن الشعب اللبناني بعد سيطرتهم الكاملة على وزارة الطاقة في كل الحكومات المتعاقبة..
ومما زاد الطين بلّة ما صدر عن وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض، إذ قال: “أرجو من الجميع عدم المزايدة علينا”.. مؤكداً أنه مهتم جداً بزيادة التغذية الكهربائية خصوصاً من خلال الطاقة الشمسية.
فخلال مؤتمر صحافي حول إنشاء معمل كهرباء (أو معامل) على الطاقة الشمسية، كشف “إننا نعيش في ظلّ ظروف استثنائية ونحن تحت حصار مالي منذ 5 سنوات… هذا الحصار حجب عنا كل الاستثمارات”.. وتابع: “ان البعض يلجأ الى الشعارات والشعبوية الرخيصة… وأمام هذا الوضع تبقى دولة قطر وفيّة للبنان وشعبه”.
بارك الله فيك يا معالي الوزير… وشكراً لأنك اعترفت بأفضال قطر… لكنك، وفي مؤتمرك الصحافي، أنكرت تفاصيل الصفقة والهِبة القطرية جملة وتفصيلاً… مع ان قطر نفسها أعربت عن تقديم هذه الهِبة، وطالبت بالتعجيل بها. لقد صرّحت في مؤتمرك ان قطر لم تقدّم سوى معمل واحد للكهرباء وليس ثلاثة وبمائة ميغاواط…
وهنا أسأل: لماذا لا تعمدون الى بناء هذا المعمل… مع أنني واثق كل الثقة من أنّ قطر وعدت بمعامل ثلاثة… ولماذا لم تؤمن الأرض لإقامة هذه المعامل، أو لبناء هذا المعمل كما تدّعي؟
كل ما أختم به يا معالي الوزير: عيب استحِ…