IMLebanon

جنبلاط و”تعبيد” طريق “اللاعودة” مع بعبدا

 

شكّلت ذكرى 14 شباط مناسبة أطلق خلالها رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط نيرانه باتجاه القصر الجمهوري داعياً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الإنتحار لوحده، ما يُشير إلى أن مواقف جنبلاط تصاعدية في المرحلة المقبلة.

 

لا يوجد أي أمل بتأليف الحكومة سريعاً، ولا يزال جنبلاط متمسّكاً بنظريته التي يدعو فيها الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الإعتذار وترك الحكم لفريق العهد و”حزب الله”.

 

قالها جنبلاط سابقاً للحريري بأنه ذاهب إلى الإنتحار بمجرد قبول المشاركة في الحكم مع الفريق الحاكم، وكرّرها في ذكرى 14 شباط موجّهاً سهامه باتجاه عون هذه المرّة، وهذا الكلام يُشكّل دليلاً على أن الأيام القادمة على لبنان سوداوية ولا يوجد أي بصيص نور يُشير إلى نهاية النفق.

 

ليست جديدة المواجهة بين المختارة وبعبدا، ولعل حادثة قبرشمون في 30 حزيران 2019 كانت نقطة تحوّل في العلاقة بين عون وجنبلاط، لكنّ زعيم المختارة الذي يملك حسابات تدعه يتراجع عن مواقف سابقة أكثر حديّة، لا يرى في هذا الوقت أي أمل في إبرام تسوية مع عون وفريق العهد.

 

وفي نظر “الإشتراكي” أن ولاية عون شارفت على النهاية، وما لم يستطع فعله طوال السنوات الأربع الماضية لن يقدر على أن إنجازه في المدة المتبقية من ولايته، وقد عبّر النائب السابق مروان حمادة بصراحة عن أن “عهد عون إنتهى”. ترتبط سياسة جنبلاط بشكل كبير بتطورات المنطقة وبالأوضاع الداخلية الهشّة، لذلك فإن حسابات المرحلة المقبلة مختلفة عن سابقاتها في الشكل والمضمون، والأمور وصلت إلى مفترق خطير لا يصحّ معها إبرام أي تسوية.

 

يُشاهد جنبلاط الإنهيار الأكبر قادماً لا محال، وما حصل سابقاً هو سلسلة إنهيارات لم تلامس الزلزال الكبير الذي سيفجّر معه أزمة إجتماعية كبرى، لذلك فإن سلوك العهد التدميري بحسب وصف “الإشتراكي” سيؤدّي إلى ضرب آخر مقوّمات صمود البلد. وتؤكّد مصادر “اللقاء الديموقراطي” أن العهد فشل فشلاً ذريعاً وهو ضرب صورة لبنان المالية والسياسية والإقتصادية من دون أن يسعى إلى معالجة جزء بسيط من أسباب الأزمة، ورغم التحذيرات المتكررة إلا أنه يظهر كأنه مكلّف بضرب كل أُسس الدولة مثلما حصل في نهاية الثمانينات.

 

وتشدّد المصادر على أن القصة ليست متعلّقة بتأليف الحكومة فقط، بل إنها سلسلة من التراكمات السابقة التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، ويحاول البعض تصوير كلام جنبلاط الأخير على أنه طمع بحصة وزارية، بينما الحقيقة أن مصير البلد على المحكّ ولا يهم “الإشتراكي” أي من الوزارات، بل المهم تنفيذ خطّة إصلاحية نصّت عليها المبادرة الفرنسية وتمّ إجهاضها. وتسأل المصادر: إذا كان لدى البعض مشكلة في كلام جنبلاط حول الانتحار، فهل هناك أوضح من كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يتوجّه به يومياً إلى المسؤولين وعلى رأسهم عون والحريري لتأليف حكومة إختصاصيين وإنقاذ البلد؟ وهل للبطريرك حسابات سياسية أو أنه يرى المشهد المؤلم أمامه ويحثّ أصحاب الضمير على العمل لخلاص الشعب في حين يُصرّ فريق معروف على أخذ البلاد إلى الانتحار؟

 

وأمام كل ما يحصل فإن الطريق باتت غير سالكة بين المختارة وبعبدا ويتراكم عليها الجليد خصوصاً بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة الاصطفاف الحاد بسبب عرقلة تأليف الحكومة وإجهاض كل الحلول.