بدأت معظم القوى السياسية تستطلع الأجواء الخارجية، بحيث باشر رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط زيارة إلى دولة الكويت للقاء كبار المسؤولين فيها، وحيث سيلتقي في احتفال حاشد بالجالية اللبنانية. فيما تشير المعلومات، إلى أن بعض المرجعيات الرئاسية والسياسية ستنطلق أيضاً في جولات إلى الخارج على غرار زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الفاتيكان، بعدما وضع البطريرك بشارة الراعي قبيل سفره بساعات، في عناوين المباحثات التي سيجريها في عاصمة الكثلكة.
في السياق، تشير مصادر على صلة بحراك جنبلاط إلى أنه وقبيل عودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران إلى مجاريها، أوقف تحرّكاته بعدما أيقن صعوبة التوافق الداخلي على مرشح إجماع، وبالتالي تجنّب الصدام مع أي طرف من المكوّنات السياسية على اختلافها. وفي هذا الإطار، تضيف المصادر، أن جنبلاط ترك الخيار للمسيحيين، دون أن يُفسَّر تحركه بأنه يخدم أهدافاً معينة، أو أنه دخول على الملعب السياسي المسيحي، فترك الخيار لهم، وبناء عليه أبقى التواصل قائماً مع حزب “القوات اللبنانية” ومع سائر القوى المسيحية، بما فيها “التيار الوطني الحر”، حيث هناك هدوء وتواصل حفاظاً على أمن واستقرار الجبل، وذلك ما ظهر جلياً منذ اللقاء الذي جمعه برئيس “التيار” النائب جبران باسيل في دارة الشيخ بيار الضاهر.
أما عن عناوين الجولات التي بدأت في الخارج لعدد من السياسيين اللبنانيين، تؤكد المصادر نفسها، أنها إستطلاعية ولاستشراف أجواء ومناخات الإتفاق الذي حصل أخيراً بين الرياض وطهران، وما سبقه خلال اجتماع الدول الخمس في باريس، بمعنى هل هناك من مفاعيل سرية أو توافق قد حصل على شخصية رئيس الجمهورية العتيد، كي لا تدخل هذه الأطراف في المجهول، إن على صعيد التحالفات، أو والقراءة الخاطئة لمجريات الأوضاع دولياً وإقليمياً وداخلياً، بعدما فاجأ اتفاق السعودية ـ إيران شريحة كبيرة من القيادات السياسية لا بل معظمها، مما أدّى إلى حالة إرباك غير مسبوقة بين هذه القوى، لا سيما أولئك الذين لهم علاقات وصداقات في الخارج، بغية الإطلاع على آخر التطورات الرئاسية، بعدما وصلت إلى البعض معلومات بأن هناك خياراً ثالثاً، وأسماء مطروحة جدياً، قد تكون موضع توافق بين الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني، وما يسهل الحلول هو توفر الغطاء الإقليمي للحلّ في ضوء ما جرى في الصين عبر احتضان التوافق الإيراني ـ السعودي.
لذلك، أضافت المصادر، فإن جنبلاط الذي تربطه علاقات وصداقات مع بكين، يتواصل مع المقرّبين من قيادة الحزب الشيوعي الصيني، والأمر عينه يقوم به مع موسكو، حيث جرى اتصال منذ أيام بينه وبين نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، ولذا فإن جنبلاط لن يغامر في الإقدام على أي موقف قد يأتي عكس التطورات والرياح الإقليمية، في ظل هذه التحوّلات غير المتوقعة، والتي فاجأت منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
ومن هنا، لفتت المصادر عينها إلى البرودة الظاهرة على خط بعض الكتل النيابية التي خفّ منسوب مواقفها بعد الحدث الصيني، فيما الذين يقترعون للنائب ميشال معوض أيضاً، يحاولون القول إنه يجب التفتيش عن مرشح آخر يحظى بإجماع كل الكتل النيابية، وهذا ما بدأت معالمه تظهر بشكل واضح بفعل الإتصالات والمشاورات، وربطاً بمواكبة ومتابعة ما سيصل إليه التوافق أو عودة العلاقات بين السعوديين والإيرانيين، لما لذلك من تداعيات إيجابية على الملف اللبناني.