تشير أكثر من جهة سياسية على بيّنة مما يحيط بالاستحقاق الرئاسي، بأن الأمور لا يزال يكتنفها الغموض والضبابية، لا بل إن إحدى المرجعيات السياسية تشير في مجالسها أمام المقرّبين منها، إلى أن الانتخابات الرئاسية طويلة الأمد والشغور سيبقى قائماً، إلاّ في حالة واحدة تكون من خلال تسوية دولية ـ إقليمية، إذ أن ما عقّد الوضعين الداخلي والدولي يعود إلى التباينات الحاصلة بين بعض مكوّنات اللقاء الخماسي، لا سيما بين واشنطن والرياض من جهة، وفرنسا من جهة أخرى، وتحديداً بين الرياض وباريس، على خلفية دعم الفرنسيين لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
أمّا ما استجدّ من معطيات، فإن مصادر سياسية تنقل معلومات تسرّبت إليها عن الخطوات المقبلة، تؤشِّر إلى التركيز على الخيار الثالث الذي سيكون المنطلق للخروج من حالة المراوحة والخلافات بين الدول المشاركة في لقاء باريس، وكذلك على الصعيد الداخلي، باعتبار أن ثمة «تمترس» من كل القوى السياسية المحلية خلف مواقفها، بغية تمسّكها بمرشّحيها وفرض أجندتها، وهذا ما تلمّسته بعض الأطراف من خلال أكثر من محطة بين جهات مقرّبة، كانت تسلك فيما مضى الخيار عينه، وذلك ينسحب على وجه الخصوص على كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، بحيث لم يسبق لهما أن افترقا عند أي استحقاق دستوري وسياسي، وهذا لا يعني أن هناك خلافاً بين الطرفين، ولكن التباين بينهما واضح إلى أبعد الحدود حيال الاستحقاق الرئاسي حصراً، بمعنى أن جنبلاط، وفي أكثر من مناسبة ومحطة، أكد رفضه لوصول فرنجية، وهذا ما أكده خلال زيارته الأخيرة لباريس وأمام مستشار الرئيس الفرنسي السفير باتريك دوريل، وما زال على هذه الثابتة، ما يعني في المحصلة أن هناك خلافات عميقة، وليست بالأمر السهل.
وبناءً على هذه المعلومات، تابعت المصادر بالقول، إن الموفد القطري وكل من يتابع الملف اللبناني، يدرك استحالة تمرير أو إقناع الأطراف والقوى اللبنانية مجتمعة بأي مرشح من الطبيعيين والأساسيين، وفي طليعتهم سليمان فرنجية، ممّا يعني أن الاتجاه يسير نحو الخيار الثالث. وينقل هنا، أن بكركي داعمة لهذا التوجّه، ولديها أسماء باتت معروفة، ولكنها لم تُطرح خلال اللقاء الروحي الأخير في حريصا، حيث لم يناقَش الاستحقاق الرئاسي بين البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، سوى من خلال تلميحات سيد بكركي، بمعنى ان سؤاله لماذا لا تنتخبون الرئيس، عندما وجّه كلامه للنواب الحاضرين، ولكن البحث في الإستحقاق جاء حصراً بين الراعي وباسيل في لقاء جانبي لم يستغرق طويلاً.
وتتابع المصادر، أن ما يسمى بالمرشح الحيادي أو الخيار الثالث، سيُبحث من خلال ثلاثة مرشحين باتوا في عهدة اللقاء الخماسي، وفق المعلومات الموثوق بها، لجوجلة هذه الأسماء من كافة الجوانب داخلياً وخارجياً وسياسياً واقتصادياً، وهي من ضمن لائحة البطريرك الراعي، ولكن الأمر المعقّد يكمن في توافق الدول الخمس وإقناع العاصمة الفرنسية بالتخلّي عن خيار فرنجية ، ومناقشة الأسماء المطروحة المحايدة من خارج الإصطفافات السياسية. وربطاً بهذه المؤشرات، يرتقب أن تحسم الأمور في إطار الإتصالات واللقاءات الجانبية الجارية على قدم وساق بين الدول المشاركة في لقاء باريس، ومن ثم ما أنتجته زيارة الموفد القطري إلى بيروت، وما آلت إليه المباحثات بين وزيري خارجية إيران والسعودية حسين عبد الأمير اللهيان وفيصل بن فرحان، وعمّا إذا تم بحث الملف اللبناني، لا سيما الإستحقاق الرئاسي بينهما، نظراً الى دورهما وتأثيرهما على الصعيد الداخلي.