بعد تعثر المبادرة الفرنسية وتجميد الرئيس نبيه بري مبادرته الحوارية، لم يبق في الميدان حالياً الاّ الدوحة التي ستُصاب هي الأخرى بـ«الدوخة»، إذا بقيت تدور في مكانها كما فعل سواها. فيما أبدى وليد جنبلاط أسفه للتفريط بالحوار المقترح، نتيجة الشروط المستحيلة من قِبل معراب وميرنا الشالوحي.
مع تعليق بري مسعاه الحواري عقب رفض «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» التجاوب معه، تكون آخر محاولات «استعادة الجنسية» للاستحقاق الرئاسي «المدوّل» قد تعثرت، وبالتالي يكون الدور اللبناني في هذا الاستحقاق المفترض انّه «سيادي»، قد أصبح معطلّاً بشكل شبه كامل لصالح اللاعبين الدوليين والاقليميين، الذين باتوا هم أيضاً يحتاجون إلى «حَكَم» بعدما كثرت الفاولات المتبادلة.
وفيما يتحرّك الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني على الساحة الداخلية بلا ضجيج، ويلتقي القيادات السياسية بعيداً من الأضواء، حاملاً معه لائحة مرشحين، كان لافتاً انّ السفارة القطرية في بيروت عمّمت عبر حسابها على منصّة «إكس»، خبراً مرفقاً بصورة عن زيارة للسفير الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في الضاحية الجنوبية.
ولكن السائد حتى الآن، انطباع يفيد بأنّ طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية لا تسمح للدوحة بأن تنجح حيث أخفق الآخرون، وانّ دورها الراهن لا يتعدّى حدود ملء الوقت الضائع في انتظار نضوج التسوية والتسمية.
ومع ذلك، هناك من يلفت إلى انّ القيمة المضافة التي تكتسبها الوساطة القطرية، إنما تكمن في خصوصية علاقتها مع إيران، واحتمال ان تتمكن من توظيف هذه العلاقة لتسهيل مهمّتها في لبنان، وصولاً الى إقناع طهران بأن «تمون» على حلفائها في مسألة القبول بالتفاوض حول اسم مرشح غير سليمان فرنجية، علماً انّ القريبين من الثنائي حركة «امل» و«حزب الله» يصرّون على أنّ القرار في الملف الرئاسي يعود حصراً إليهما، وانّ طهران ليست في وارد الضغط عليهما لدفعهما الى التخلّي عن فرنجية، في إطار مقايضة محتملة مع واشنطن، كما يظن البعض.
اياً يكن الأمر، يبدو أنّ مرحلة انعدام الوزن باقية وستتمدّد، عقب انكفاء بري والمراوحة في الحراك الخارجي بهوياته المتعدّدة.
يؤكّد الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس بري بذل أقصى جهده لإطلاق حوار رئاسي يفتح أبواب قصر بعبدا الموصدة، «لكن الشروط المستحيلة للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عطّلت مبادرته وأجهضت فرصة الحوار».
ويعتبر جنبلاط، انّ الفيتو او التخبّط الخارجي الناتج من خلافات اعضاء المجموعة الخماسية، أتى بدوره ليزيد الطين بلّة ويُفاقم التعقيدات، «بدل ان تعطي هذه المجموعة زخماً لمساعي الحل وتمنحها قوة دفع إلى الأمام». موضحاً انه بحث مع السفير القطري الذي زاره في فحوى طرح الدوحة.
ويشير جنبلاط، إلى انّ أفق التسوية الرئاسية يبدو، وللأسف، مسدوداً حتى إشعار آخر، عقب تعطيل مبادرة بري.
وعن البديل المحتمل، يجيب جنبلاط: «انا لا أملكه، ومن يجب أن يُسأل عن البديل ويتحّمل المسؤولية هو من تعمّد ان يعطّل الحوار».
ويلفت جنبلاط، إلى انّ تمسك أحد أركان الثنائي الشيعي، وتحديداً «حزب الله»، بمرشح واحد هو غير مفيد أيضاً.