تسريبات “على مدّ عينك والنظر وخارج الصحن” لن تنتج هدوءا في الجنوب، ما دام لم ينجز وقف لاطلاق النار في غزة. هذا هو قرار حزب الله اولا وثانيا وثالثا، حسب مصادر رفيعة ومواكبة للتطورات في لبنان والجنوب، والمعادلة واضحة “غزة والجنوب مسار واحد”، هذا القرار أبلغ للاميركيين والفرنسيين والاوروبيين والعرب وكل العالم، بينما التهديدات والتهويلات فقاقيع صابون لا يصل صداها الى حارة حريك مطلقا.
لقد بدأت “العنتريات” ضد “الثنائي الشيعي” منذ ٨ تشرين الاول، عبر الموفدين وعشرات المحللين: “الاجتياح غدا، والتدمير بعد غد، إياكم ثم إياكم”، وحاولوا خلق الانقسامات بين اللبنانيين، لكن الموقف الثابت لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط من التطورات الجنوبية نصرة لفلسطين، قلب كل المعادلات وحمى البلد وحصّنه. وحسب المصادر عينها، فان حسابات جنبلاط في الـ ٢٠٠٦ مختلفة جذريا عن عام ٢٠٢٤، في الـ ٢٠٠٦ كان دم الشهيد رفيق الحريري والعداء للسوريين، وارغامهم على الانسحاب من لبنان لحسابات دولية كبرى وحدت الاميركيين والفرنسيين لأول مرة في التاريخ، ولذلك قاد جنبلاط المواجهة، واصبح المتراس الاول ضد قوى الممانعة، وحصل ما حصل بعدها. اما في العام ٢٠٢٤ فان جنبلاط لا يمكن الا ان يكون في قلب الصراع نصرة لفلسطين وغزة، ولا يمكن المساومة على هذه القضية، فوالده كمال جنبلاط شهيد القضية الفلسطينية، وعندما نقل جنبلاط الزعامة لنجله تيمور البسه الكوفية الفلسطينية قائلا له، “فلسطين قضيتك”، لذلك لايمكن لعائلة جنبلاط الا الولاء لفلسطين ولكل من يناصر فلسطين، بغض النظر عن التباينات حول الكثير من القضايا الداخلية المشروعة.
وحسب المصادر، فان اللقاء الأخير بين جنبلاط وحزب الله كان جيدا جدا، وقد وضع الحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا جنبلاط بأجواء الاتصالات حول الجنوب وغزة، وشرحوا له ما يجري في الميدان، كما طرح جنبلاط الورقة التي أعدها “الاشتراكي” بشأن موضوع النازحين، وحملت موقفا جنبلاطيا متقدما بدعم العودة الى مناطق النظام، واقامة المناطق الآمنة، وضرورة فتح الحوار مع الدولة السورية، وهذا ما كان يرفضه جنبلاط سابقا، وتم الاتفاق بين الطرفين على التواصل مجددا بعد انتهاء “الاشتراكي” من جولته على كل المكونات السياسية لتقديم خطته وتصوراته لعودة النازحين.
وتضيف المصادر، ان اللقاءات بين “امل” وحزب الله و”الاشتراكي” متواصلة، وهناك لجان ثلاثية لمعالجة تداعيات النزوح من قرى المواجهة، في حال تصاعدت العمليات العسكرية وشملت كل قرى الجنوب والبقاع والضاحية. وحسب المصادر، فان وهج الرئيس بري يظلل أجواء اللقاءات بين جنبلاط وحزب الله، ويقرب المسافات ويزيل التباينات اذا وجدت.
وتتابع المصادر ايضا، ان اجواء الطائفة السنية مختلفة جذريا عن مرحلة ٢٠٠٦، والطرف السياسي السني البارز “الجماعة الاسلامية” في قلب المواجهة مع حزب الله وتقدم القادة الشهداء في المواجهة، كما ان “تيار المستقبل” لا يمكن الا مساندة فلسطين مع النواب السنة والجمهور الواسع، وهذا ما يحصن اجواء الوحدة الداخلية.
وتشير المصادر، الى ان التباينات بين حزب الله و”التيار الوطني الحر” رئاسية بالدرجة الاولى وليست حول موضوع المقاومة، وبالتالي فان المواجهة في الجنوب تحظى بغطاء وطني شامل، الا من بعض القوى السياسية التي تتحرك ضمن الاطر الديموقراطية التي حددها الدستور واقرتها القوانين. وتتابع المصادر ان الأجواء في الجنوب ستبقى على حالها، ووزير خارجية فرنسا سيغادر لبنان “خالي الوفاض”، لان مقترحاته مستحيلة ان تأخذ مكانها للتنفيذ الآن اوبعد انتهاء الحرب، فيما يبدو الطرح الأميركي أقرب إلى الواقع عبر المطالبة بعودة الامور على جانبي الحدود الى ما كانت عليه قبل ٧ تشرين الاول، دون زيادة او نقصان.
اما في الموضوع الرئاسي، تقول المصادر ان لا رابط عند حزب الله بين جبهة الجنوب والملف الرئاسي مطلقا، فالتلازم بين الجنوب وغزة، اما الملف الرئاسي هو ملف داخلي يحل بالحوار بين القوى السياسية الداخلية وفي المجلس النيابي، للوصول الى توافق حول اسم الرئيس من خلال الحوار برئاسة بري، ولا شيء يمنع من حصول الاستحقاق اليوم قبل الغد.