Site icon IMLebanon

دوافع الرفض الجنبلاطي لدعوة جعجع

 

 

لم تتردّد ولم تتأخّر قيادة الحزب «التقدمي الاشتراكي» في رفض الدعوة التي تلقّتها من «القوات اللبنانية» للمشاركة في لقاء معراب حول القرار 1701، علماً انّ الدعوة وُجهّت الى وليد وتيمور جنبلاط ونواب «اللقاء الديموقراطي».

لم يكن قرار المقاطعة يحتاج إلى كثير من الدرس والتمحيص، بل هو أتى فورياً وتلقائياً، فلا الجهة المنظّمة ولا التوقيت ولا جوهر اللقاء ولا أهدافه المعلنة والمبيتة شجّعت او حفّزت «الاشتراكي» على الحضور.

ووفق العارفين، فإنّ الشكل الذي ظهر عليه اللقاء والمضمون الذي عكسه البيان الختامي، عززا اقتناع قيادة «التقدمي» بصوابية عدم الحضور، وبأنّ مكانها الطبيعي ليس هناك، إذ انّ ما آل اليه لقاء معراب أثبت للاشتراكيين، وبالعين المجرّدة، أن لا محل له في إعراب المرحلة وبين عرّاببها.

 

وبالترافق مع الامتناع عن تلقف مبادرة «القوات اللبنانية»، كان وليد جنبلاط يلتقي وفداً من «حزب الله» ضمّ المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، في إشارة واضحة إلى طبيعة التموضع الذي اختاره «الاشتراكي» منذ السابع من تشرين وما تلاه من انخراط للمقاومة في معركة إسناد غزة.

 

بهذا المعنى، بدا وكأنّ وليد وتيمور جنبلاط رفضا ان يمنحا رئيس «القوات» سمير جعجع فرصة الحصول على اي غطاء درزي، يمكن أن يستخدمه في تخفيف «صقيع» معراب وفي تكثيف الهجوم على الحزب.

 

وتؤكّد اوساط «الاشتراكي»، انّه لم يكن وارداً لديه ان يشارك في لقاء معراب بأي شكل، وذلك على قاعدة رفضه المساهمة في إنتاج مشهد انقسامي نافر، في ظل مرحلة استثنائية لا تتحمّل ترف الاصطفاف الحاد.

 

وتبعاً للأوساط، لا يمكن لـ»الاشتراكي» القبول بأن يشكّل أداة ضغط على أهل الجنوب والمقاومة وسط العدوان الاسرائيلي المتواصل، «وحتى لو كان لدينا احياناً ما يجب قوله لحزب الله، فإننا نفعل ذلك خلال لقاءاتنا المشتركة في الغرف المغلقة».

 

وتشدّد الأوساط على انّ المسألة ليست مسألة تنافس سياسي تقليدي بين موالاة َومعارضة في وضع طبيعي، «بل هناك تحدّيات خطرة ومصيرية تفرضها الحرب وتتطلّب تعاطياً وطنياً معها.»

 

وتلفت الأوساط إلى انّ «الاشتراكي» اختار منذ بداية الحرب التموضع في الموقع الذي يعكس اقتناعاته وتاريخه، ولذا كان من البديهي ان يقف الى جانب أهل الجنوب في مواجهة العدو الاسرائيلي، «علماً انّ صراع الجنوبيين مع هذا العدو تاريخي، وهو بدأ قبل «حزب الله» وسيستمر ما دام التهديد موجوداً، أما دعم القضية الفلسطينية فيمثل خياراً مبدئياً يندرج في إطار تراث «التقدمي» و»ثوابته»، وفق ما تلفت اليه الأوساط.

 

وانطلاقاً من هذه المقاربة، تؤكّد الأوساط انّ «الاشتراكي» ليس مستعداً للانخراط في اي مشهد يحاول توسيع الانقسام الداخلي وتغذيته كما حصل في معراب، «لأنّ من شأن ذلك أن يلقي حمولة زائدة على واقع لبناني لا يتحمّل مثل هذا الضغط».

 

وقد وصلت الحساسية الجنبلاطية حيال دقّة المرحلة الى درجة انّ «الاشتراكي» ارتأى في انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة ان يدعم اسماً لا يملك فرصاً للفوز، فقط حتى لا يكون جزءاً من الانقسام الحاد الذي ترتّب على المعركة بين المرشح العوني وذاك القواتي، ما يعطي مؤشراً الى نمط سلوك كليمنصو في هذه الفترة.

 

ولئن كان «الاشتراكي» يعتبر انّ «حزب الله» يتعاطى بمسؤولية وحكمة منذ أن اندلعت المواجهة بينه وبين الكيان الاسرائيلي، تفادياً للتدحرج نحو الأسوأ، فهو يدعوه إلى الاستمرار في ذلك، بغية الحؤول دون إعطاء الاحتلال اي ذريعة من أجل توسعة الحرب، «وهذا ما يحرص وليد جنبلاط على طرحه في كل اللقاءات التي تجمعه بالحزب منذ 8 تشرين، ناصحاً بتسوية مقبولة على أساس القرار 1701 واتفاقية الهدنة»، تبعاً للأوساط القريبة منه.