فيما يترقب العالم عموما ولبنان خصوصا، ما يمكن ان يقدم عليه العدو الاسرائيلي من هجوم وعدوان على لبنان، بعد تذرّعه بان حزب الله هو من شن الهجوم على مجدل شمس. علما ان الحزب كان واضحا بان لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمأساة التي حلت في الجولان السوري المحتل ، تنشط الاتصالات والجهود الديبلوماسية التي يقودها الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين مع مختلف الاطراف اللبنانيين الفاعلين، بدءا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه الياس بوصعب وطبعا عبرهما حزب الله، كما رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ، الذي وقف سدا منيعا بوجه مشروع الفتنة الدرزية – الشيعية الذي كان تعد له “اسرائيل” ، بموقف تاريخي ليس غريبا على زعيم المختارة، علّ كل هذه الجهود تنجح في ابعاد شبح الحرب الشاملة عن لبنان والمنطقة بأكملها.
صحيح ان العدو غدّار، وانه من السذاجة الاطمئنان الى ما يُنقل من رسائل بان لا رغبة بتوسيع الحرب، وان الضربة المتوقعة ستكون محدودة التأثير ولن تشمل المرافق الحيوية او المدنيين، لكن اوساطا عاملة على خط الاتصالات اللبنانية – الاميركية اشارت الى ان ما يتم العمل عليه، ينصب على محاولة ابعاد المدنيين والمدن المكتظة عن الاعتداء المتوقع من قبل العدو الاسرائيلي، فلا اميركا ترغب كما انها لا تريد الحرب الشاملة، ونتنياهو عاجز عن الدخول بحرب اقليمية ، لا سيما ان موقف ايران واضح وضوح الشمس، وهو ان طهران ستقف الى جانب حزب الله في اي هجوم قد يستهدفه.
صحيح ان المحاولات جارية لان تكون الضربة محدودة، لكن الاكيد ان لا احد يضمن ما قد يخطر ببال العدو، وانطلاقا من هنا تقف المقاومة مترصدة ومتأهبة لاي ضربة ، مهما كان حجمها، اذ تفيد المعلومات بان حزب الله جاهز لكل الاحتمالات والسيناريوهات، وهو حرص على عدم اعطاء اي ضمانة لاي كان، لان اي ردة فعل من قبل العدو ستقابل برد لبناني “ولن نقف متفرجين”، كما تقول المصادر المطلعة على جو الحزب.
وردا على ما يقال عن ان تطمينات اعطيت بتطبيق لاءات ثلاث: لا للحرب الشاملة ولا لضرب بيروت او الضاحية ولا لاستهداف المرافق الحيوية ، تقول المصادر نفسها : من يضمن الا يحصل ذلك وسط الجنون “الاسرائيلي”؟ وتضيف المصادر: نتعامل مع تسريبات اميركية تتمنى عدم التصعيد وتجنب المدنيين، لكن احدا لا يمكنه ضمانة شيء”. وتختم المصادر: عندما يحصل العدوان سنقيم الوضع والنتائج، وبعد ذلك ندرس الرد المقابل”.
وعن رأي حزب الله بموقف وزير الخارجية عبد الله بوحبيب والرئيس نجيب ميقاتي ، تكشف المصادر المطلعة على جو حزب الله انها تقرأ بايجابية المواقف الصادرة عن بوحبيب وميقاتي، واصفة اياها بالجيدة لا بل ممتازة. واشادت المصادر بمواقفهما التي شددت على وجوب ان يتوقف العدوان على غزة لكي تتوقف جبهة الجنوب، وان هذا الامر هو المدخل الاساس والطبيعي لوقف الحرب. ولعل ابرز ما ترجم هذه الايجابية هو اللقاء الذي جمع صباح امس النائب عمار الموسوي بوزير الخارجية في وزارة الخارجية، وقد وصفت مصادر الطرفين اللقاء بالايجابي والذي يبنى عليه.
وفي هذا السياق، كشفت المعلومات عن ان العمل كان جار منذ ليل الاحد على خط حزب الله- الخارجية بتنسيق مع ميقاتي لاعداد رسالة يتم التوجه بها للامم المتحدة، وهذا ما استكمله لقاء الموسوي – بوحبيب صباح امس، حيث تم الاتفاق على الرسالة التي سيوجهها بوحبيب باسم الحكومة اللبنانية للامم المتحدة، من شأنها ان تتضمن تقييما لحادثة مجدل شمس، وتجديد التأكيد ان لا علاقة لحزب الله بالحادثة لا من قريب ولا من بعيد.
اما مواقف زعيم المختارة ، فهي لاقت اشادة من امين عام حزب الله شخصيا السيد حسن نصر الله، اذ تكشف المعلومات من مصادر موثوق بها، ان تواصلا حصل امس على خط كليمنصو- حارة حريك، اذ اجرى المعاون السياسي لامين عام حزب الله الحاج حسين الخليل اتصالا بالوزير السابق غازي العريضي ، وقد تخلل الاتصال نقل رسالة من السيّد لجنبلاط عبر الحاج الخليل مفادها : “انت زعيم كبير ولك كل التقدير والاحترام لموقفك الذي نحييه ونقدره عاليا “!
وفي هذا الاطار، تؤكد اوساط بارزة مطلعة على جو حزب الله ان مواقف جنبلاط تقدّر عاليا منذ بدء عملية طوفان الاقصى في 7 اوكتوبر، وهي استكملت بعد حادثة مجدل شمس، فجنبلاط قطع الطريق ووأد الفتنة التي كان يحضّر لها من لبنان الى سوريا وكل العرب!
بالانتظار، هل تنجح الاتصالات والجهود في ان تكون الضربة المتوقعة محدودة التأثير، فتأتي على غرار الرد الايراني “المحدود” ردا على الهجوم على القنصلية الايرانية بدمشق، يوم ذهبت كل التحليلات الى السؤال عما اذا كان الرد الايراني سيؤدي الى حرب شاملة بالمنطقة، الى ان اتى الرد بحجم اقل مما كان متوقعا وتأثير محدود؟ هل يأتي الرد “الاسرائيلي” الذي يتوعد به نتنياهو كما الرد الايراني سابقا؟ الاجابة عن هذه الاسئلة تبقى متروكة للساعات او الايام القليلة المقبلة، ولو ان مصدرا متابعا رجح هذا السيناريو!