في لحظة عدوان همجي ووحشي على لبنان ، وعلى وقع قصف مدمّر لا يرحم لا الحجر ولا البشر، حط المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان يوم الاثنين في بيروت، مجريا سلسلة لقاءات مع المعنيين، علّه ينتزع لحظة مناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. من اليرزة استهل لودريان لقاءاته التي استكملها باجتماعات مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، كما رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” سابقا وليد جنبلاط، اضافة الى رئيس كتلة “الوفاء للقاومة” الحاج محمد رعد، قبل ان يختم لقاءاته باجتماع مع “اللجنة الخماسية” في قصر الصنوبر.
وفيما لم يصدر عن لودريان اي تصريح باستثناء ما نقل عنه بعد لقائه ميقاتي، من انه سيقوم بجهود لتقريب وجهات النظر للوصول الى تفاهم يفضي الى انتخاب رئيس. فهل ينجح لودريان في تمرير الرئيس بلحظة مصيرية يمر بها لبنان؟
المعلومات من مصادر مطلعة على اجتماعات لودريان، تشير الى ان الموفد الفرنسي خرج بانطباع متفائل، ازاء امكان احداث خرق ما في الملف الرئاسي، وهو يعول في ذلك، على ما سمعه من المسؤولين، حتى بمن فيهم الثنائي الشيعي.
وفي وقت تكتم فيه المعنيون حول ما حمله لودريان من اقتراحات، كشفت المعلومات ان الموفد الفرنسي شدد على مسمع من التقاهم ، على وجوب انتهاز هذه اللحظة الحرجة في لبنان للاتفاق على خيار رئاسي توافقي، بما معناه “حان الوقت للخيار الثالث”، هذا ما فهمه من التقى لودريان من المسؤولين.
وبحسب المعلومات فـ “الخماسية” تدرس امكان حمل سلة اسماء تدور بها على القوى ، وتشير هنا اوساط مطلعة على حركة لودريان كما “الخماسية”، الى ان ما تحاول الديبلوماسية الخارجية القيام به هو الاستفادة من الوضع الصعب، لالتقاط الفرصة والخروج برئيس يكون جاهزا للتفاوض باسم لبنان والسير باتفاق الDEAL الذي يتم الاتفاق عليه.
وفي هذا السياق، كشف سفير مصر في لبنان علاء موسى في اتصال مع الديار، والذي قطع اجازته من الخارج نظرا للاوضاع المتوترة في لبنان، “ان ما سمعوه كخماسية خلال اللقاء مع لودريان، ان الاخير خرج بانطباعات ايجابية من اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين ، لا سيما ان الجميع ابدى استعدادا لانتخاب الرئيس حتى بمن فيهم حزب الله”.
واعتبر موسى ان “هناك فرصة مهمة يجب التقاطها ، لان الظروف تستدعي اليوم اكثر من اي وقت مضى انتخاب رئيس، والجميع مدرك لهذا الواقع، لا سيما ان ال 1701 سيكون على طاولة النقاش لحظة وقف العدوان، ويجب العمل على ان يكون هناك من يتحدث باسم لبنان، لكن تبقى النيات هي الاساس”.
واشار الى ان لودريان “لمس مرونة وتجاوبا من مختلف الاطراف، تجاه ضرورة الانتهاء من الاستحقاق الرئاسي. وما تحاول “الخماسية” القيام به، هو الحث باتجاه انتخاب رئيس في لبنان قبل موعد انتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني، لكن تحركها مرتبط بالتطورات العسكرية، وكيف سيكون عليه المشهد بالايام والاسابيع المقبلة”.
وعليه، كشف موسى ان “الخماسية” ستنتظر اجتماعات نيويورك، واذا كانت ستسفر عن شيء ما، وهي ستنسق فيما بينها لبلورة تحرك مهم” .
وبحسب المعطيات ، فهناك رغبة لدى كل اطراف “الخماسية” بالترقب لما قد تحمله الساعات المقبلة على خط الديبلوماسية الخارجية ، واذا كانت ستنتهي بتهدئة للاوضاع بلبنان، لاستعادة زمام الامور والسير بتحرك جديد.
لكن الاكيد بحسب ما يقول مصدر بارز ان الجميع بات مدركا لوجوب البحث باسماء توافقية، حتى ان الرئيس بري عندما يدعو للتشاور والحوار، فهذا يعني بحسب المصدر انفتاحا على النقاش بالخيار الثالث، كما ان حزب الله الذي اصيب بحالة صدمة جراء المجازر التي ارتكبها العدو الاسرائيلي، لا يمانع الاتفاق على رئيس راهنا، لا سيما ان امين عام الحزب السيد حسن نصر الله قال اكثر من مرة، ان لا ربط بين جبهة غزة ولبنان والملف الرئاسي اللبناني.
اما وليد جنبلاط المعروف عنه انه يسير مع التسوية، ولا يعارض لحظة التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية، فكشفت المعلومات انه ابلغ الموفد الفرنسي بانه لا يمانع السير باي رئيس توافقي ، لان الوضع لم يعد يحتمل، ويجب الاتفاق سريعا على رئيس يكون معنيا بتطبيق اتفاق التسوية لحظة وقف العدوان.
وبانتظار التهدئة التي يحاول بري العمل عليها، بعدما اعلن اننا امام 24 ساعة حاسمة باتجاه فشل او نجاح المساعي الجدية، التي يقوم بها مع اطراف دولية للجم التصعيد “الاسرائيلي” ، اسئلة كثيرة تطرح : هل تحمل الساعات القليلة المقبلة انفراجة، تتيح وقفا للتصعد وبدء الحديث عن ترتيبات في الجنوب، ما يعني عمليا بدء البحث بما يعمل عليه لجهة تطبيق 1701 ، فيمر انتخاب الرئيس باطار التسوية المقبلة؟ او ان الجنون “الاسرائيلي” لن يردعه شيء، والامور ذاهبة الى تفاقم وغليان حتى موعد انتخابات الرئاسة الاميركية، وبعدها لكل حادث حديث، يختم مصدر مطلع .