Site icon IMLebanon

جنبلاط “الأذكى” في مقاربة المرحلة 

 

منذ “طوفان الأقصى” حتى اليوم، يدوزن الزعيم الدرزي بكثير من التأني مواقفه وقراراته. هو الذي كان يطمح لتسليم الزعامة لنجله تيمور والانكفاء في المختارة لممارسة هواياته المفضلة، وجد نفسه في قلب مشهد سياسي معقد جدا، لن يكون هو قادر على مجاراته، فعاد الى قمرة القيادة قبل ان يخرج منها.

 

ولم يكن مفاجئا ان يقرر جنبلاط دعم المقاومة الفلسطينية و “حماس” بوجه “اسرائيل” وحتى ألا يعارض اتخاذ حزب الله جبهة جنوب لبنان جبهة دعم ومساندة لغزة. فهو وان كان يفضل لو لم يقم الحزب بذلك، لكنه تقصّد عدم انتقاده ومواجهته بحقيقة موقف علنا وعبر وسائل الاعلام كما فعلت معظم القوى السياسية ومن ضمنها “التيار الوطني الحر” الذي خرج رئيسه صراحة ليعلن رفض مبدأ ربط الجبهات ووحدة الساحات.

 

ولم يعد خافيا ان قيادة حزب الله قدّرت ولا تزال تقدر كثيرا مواقف جنبلاط في مرحلة هي الاصعب منذ تأسيس الحزب. ومع توسيع “اسرائيل” الحرب على لبنان منذ 17 ايلول الماضي وبدء الحملة الجوية المكثفة على المناطق المحسوبة على الحزب، كان “التقدمي الاشتراكي” مستنفرا لتطبيق خطط إيواء النازحين المتفق عليها مسبقا مع حزب الله.

 

وواصل الزعيم الدرزي السياسة التي اعتمدها لجهة عدم الخروج لانتقاد الحزب وتحميله مسؤولية استجرار الحرب الى لبنان، لكنه آثر مؤخرا التشديد على وجوب فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة وعدم الربط بين وقف إطلاق النار والرئاسة، وهو ما يُعتبر مناقضا لما يعلنه حزب الله.

 

وكان الابرز مؤخرا انتقاده المباشر لطهران وفي اكثر من مناسبة متهما اياها بـ “تعطيل أي إمكان للخروج من المأزق الذي نحن فيه”.

 

وبمسعى لتثبيت موقعه الوسطي، قرر “التقدمي الاشتراكي” مقاطعة لقاء معراب مؤخرا لاعتباره ان العناوين التي رُفعت خلاله قد تؤدي الى زيادة الشرخ بين اللبنانيين، وهو ما ادى تلقائيا الى زيادة الشرخ بينه وبين حزب “القوات”.

 

وتعتبر مصادر نيابية ان “جنبلاط يتقن التعامل مع المراحل الدقيقة في تاريخ البلد والمنطقة، بخلاف الكثير من الزعماء اللبنانيين، ولذلك نراه اليوم يحسب جيدا كل قرار وموقف يتخذه”، لافتة في تصريح لـ “الديار” الى انه “من دون منازع “الأذكى” في مقاربة المرحلة، فهو يتجنب المواجهة مع الحزب والتعامل معه كما كخاسر او مكسور وفي الوقت نفسه يرفض وضع كل ما لديه من بيض في السلة الايرانية لعلمه بأن المنطقة مقبلة على متغيرات كبرى”.

 

من جهتها، تشير مصادر “الاشتراكي” الى ان من يتحدث عن “تكويعة جنبلاطية جديدة، لا يعرف شيئا عن وليد جنبلاط” مشددة على ان “ما يقوم به راهنا هو محاولة حماية السلم الاهلي وتجنبب لبنان واللبنانيين حربا اهلية يبدو واضحا ان الطرف الاسرائيلي يتوق اليها”، مضيفة: “على بعض المنتشين بالواقع الراهن اللجوء الى قراءة متروية للتاريخ واستخلاص العبر… فآخر ما يريده البلد حاليا تكريس خاسر ومنتصر لاننا كلنا خاسرون من العدوان الاسرائيلي المتواصل ومن يعتقد خلاف ذلك فالاجدى به مراجعة حساباته”.