لا يمكن النظر الى الزيارة التي قام بها الزعيم وليد جنبلاط الى دمشق إلّا بالإعجاب والتثمين. وفي تقديرنا، قياساً الى ما قاله أحمد الشرع خلال اللقاء، فإن هذه المبادرة تشكّل منعطفاً مهماً في العلاقات اللبنانية – السورية ، يؤمل أن تكون إيجابية ليس فقط على صعيد العلاقات بين الطيف الدرزي والنظام الجديد في سوريا ولكن أيضاً على صعيد العلاقة الطبيعية بين البلدين. إن هذه العلاقة لا تتسم بأهميتها إلا إذا كانت على المستوى الرسمي بين الدولتين، ولكن لا بد من خطوات تمهيدية كتلك التي باشرها أبو تيمور، الذي يبدو أكثر مَن يستشرف التطورات، ولا يكتفي بذلك إنما يقرنه بالحراك.
ولعلّ أهم ما تميزت به هذه الزيارة هو ما بدر من الشرع في الشكل وفي المضمون، مع أهمية الشكل في ما يبدو عادياً في المطلق، ولكنه ليس كذلك عندما يرتدي هذا الرجل ربطة العنق ما لا يُخفى مدلوله الكبير حول أين كان الجولاني وأين أصبح الشرع(…). أما في ما يتعلق بالمضمون فما قاله قائد الثورة عن نظرته الى العلاقات بين لبنان وسوريا هو ما يجب أن يكون. ونأمل، كما يأمل المخلصون جميعاً، أن يلتزم الشرع بما تفوّه به أمام جنبلاط ونجله النائب تيمور وشيخ العقل وسائر أعضاء الوفد المرافق. ولا شك في أنه إذا التزم يكون قد أسدى خدمة للبلدين الشقيقين كليهما.
الى ذلك فلقد أعرب الجولاني عن قراره فتح صفحة جديدة بين سوريا ولبنان تقوم على علاقات ممتازة مع الدولة اللبنانية ومن خلالها مع مختلف ألوان النسيج اللبناني، وهذا مطمح اللبنانيين جميعاً، باستثناء أصحاب المصالح الرخيصة الذين يؤثرون مصالحهم الذاتية على مصلحة الوطن العليا، وهؤلاء قلة.
وكم كان جنبلاط بليغاً عندما تحدث عن تفعيل دور السفارتين اللتين لم يكن لهما أي دور أو فاعلية، حتى الدور القنصلي كان أقل من باهت، لأن النظام السوري البائد كان يتعمد تعطيل أي دور ذي طابع شرعي وقانوني، وذلك لمصلحة الأتباع المستفيدين من الحلول محل الدولة …
لا نريد أن نسترسل في الموضوع كثيراً، فقط نختم بتحية الى وليد بيك الذي بادر… وليت الآخرون يقتدون.