بداية، لا بد من الاشارة الى ان وليد جنبلاط قد اتخذ خلال الأسبوع الماضي خطوتين تميز بها عن نظرائه، الأولى هي إعلان تأييده لترشيح جوزف عون رئيسا للجمهورية، والثانية هي زيارته التاريخية لدمشق وذلك بعد أسبوعين من سقوط الأسد ومرور ١٣ سنة من غيابه عن دمشق، وأيضا بعد مرور ٤٨ عاما من علاقات متعثرة وزاخرة بمحطات غير طبيعية فرضتها ظروف معقدة رافقتها سلبيات هائلة تجاه استقرار وسيادة لبنان، وهذا ما دعا جنبلاط كثيرا ان يطالب في أوقات متفرقة بإقامة علاقات «صحية وصحيحة» بين البلدين.
السؤال هنا هل بإمكاننا أن نقول أن سيد المختارة في زيارته لدمشق وفي توقيت مفصلي وحساس قد أعلن مع الشرع في لقائهما أمس العناوين الرئيسية للعلاقات بين البلدين ؟.
قبل الإجابة على السؤال، لا بد ان نشير إلى نقاط هامة جعلت جنبلاط يسارع بهذه الخطوة تجاه دمشق وهي التالية :
١ – يقينا ومنطقيا ابو تيمور وهوالقارىء الفذ لمجريات الأحداث وللتاريخ، حيث واضح انه وبأسلوبه الخاص تحليلا وتقييما وبحدسه السياسي ومتابعته واتصالاته ومعطياته أدرك ان وراء احمد الشرع مشروع ناجح ويقوده عقلية ذكية وواعية وهدفه إعادة بناء سوريا،وأن هذا القائد (خاطبه امس بكلمة «القائد») يحمل عناصر نجاحه.
وبالتالي هذه فرصة تاريخية لأبو تيمور على المستوى النفسي والاستراتيجي والوطني والادبي ولا بد ان يكون جنبلاط هو السبَّاق من بين نظرائه اللبنانيين ليقدم التهنئة للشرع شخصيا ولسوريا عموما..
وهنا سريعا نشير إلى أن هناك شعورا داخليا عند جنبلاط لا يوصف وهو يسير في قصر الشعب أمس كمارد يحمل تاريخ المنطقة وشؤون لبنان الهائلة وكانه مشاركا الشرع قي انتصار الشعبين اللبناني والسوري ضد عقود من الظلم والقهر.
٢- من استمع لكلمتي كُلٍّ من سماحة شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابو المنى وجنبلاط امس، واضح جدا التنسيق بين الكلمتين حيث بدا التكامل بينهما، وتجسدت في «امنيات» ابوتيمور فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين في مسائل مختلفة، أما أبو المنى اعتمد مفردات دقيقة وراقية جدا وركز على نقاط وجوانب تتعلق بأولويات طائفة الموحدين الدروز ودورها الريادي في حفظ الاوطان، ومعرِّجاً على البعد الاخلاقي للاسلام.
٣ – الشرع من جهته، أعتقد أنه نجح بأسلوب مدروس بعرض تطمينات وتفهما دقيقا وحرصا واهتماما على الحفاظ على التنوع الحضاري والثقافي الذي يتميز به المجتمع السوري، وعلى مستوى العلاقات مع لبنان، وشدد الشرع على تعاطيه مع لبنان كدولة ذات سيادة وحرص شديد على الاستقرار وعدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية والتعامل بين البلدين سيكون من خلال المؤسسات والدولة.
نختم ان معظم المراقبين يؤكدون أن زيارة وليد جنبلاط لدمشق تصب لصالح المصلحة العليا للبنان وسوريا معا، وسيتجسد ذلك في المرحلة القادمة في عدة مسائل عديدة عالقة وجديدة، بل من يرى أن زيارة سيد المختارة لدمشق في هذه الظروف الضاغطة لبنانيا واقليميا تعتبر من أهم زيارات شهدتها عاصمة الأمويين وهي لا تقل أهمية عن زيارات كُلٍّ من وفد الخارجية الأميركية والخارجية التركية والسعوديين، اقله لبنانيا حيث أرخت مناخات إيجابية ووضعت مكونات خارطة طريق العلاقات بين البلدين،وبالتأكيد تصنع طمأنينة لدى كل المكونات في البلدين وتزيل هواجس وافتراءات ومخاوف.