IMLebanon

جنبلاط القارئ الجيّد في السياسة لن يُعادي احداً بعد اليوم لان المرحلة ترفض التقوقع… 

 

ويحضّ كوادره على تحصين الجبل غذائياً وطبيّاً: الازمة طويلة ومُقبلون على ايام صعبة !

 

سيبقى وصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بأكثر السياسيين قدرةً على قراءة عناوين المرحلة الحالية والمقبلة، هو الوصف الدقيق والاقرب الى شخصيته، فهو ينسى فجأة الخصومة السياسية مع أي فريق، حتى لو حمل العداء له، فيعود أدراجه لينتفض على ذلك العداء الذي لا يدوم طويلاً، لانه يرفض العودة الى زمن التقوقع والشعارات الضيقة والإنعزال السياسي، كما يردّد دائماً بعد أي عملية إنفتاح فجائية على الخصم، لذا يعمل دائماً على تأسيس مرحلة جديدة مع الآخر بحسب تقلباته ومصلحته السياسية.

 

ومن هذا المنطلق يُسجّل على جنبلاط وضعه كل نائب او وزير اشتراكي، ضمن اطار سياسي معيّن، أي في خانة القائم بالوساطات كل بحسب علاقته مع خصوم وحلفاء الحزب الاشتراكي، اذ يجيد اختيار الاسم المناسب للوساطة المناسبة، فالنائب وائل ابو فاعور للحوار والعلاقة السياسية مع تيار المستقبل والسعودية، حين تتواجد أي مشكلة عالقة او سوء تفاهم سياسي، وقد أثبت ابو فاعور بأنه على قدر المسؤولية في هذا الاطار، كذلك الامر بالنسبة للنائب مروان حماده المقرّب من الرئيس سعد الحريري.

 

اما الوزير غازي العريضي فيوكّله جنبلاط بالمهمات الصعبة، لذا بات الاختصاصي الاول بملف حزب الله – الاشتراكي، لذا يعمل كل فترة لإعادة العلاقة المتأرجحة بينهما الى دربها الصحيح وينجح بذلك، لكن سرعان ما تعود لتشهد صعوداً وهبوطاُ فيسارع بعدها العريضي الى ضبط الوضع على طريقته، فتارة يعقد لقاء تفاهم ومصارحة مع مسؤولي حزب الله في دارته، وفي اغلب الاحيان يزور حارة حريك لضبط الوضع فلا يعود خائباَ، لان علاقته بحزب الله جيدة جداً، ليس من اليوم بل من سنوات، وهو الوحيد تقريباً من الاشتراكيين الذي لم يهاجم الحزب مرة بل بقي على تواصل معه ولو في الخفاء، وقبل عشرة ايام دخل النائب فريد البستاني على خط الوساطة، لكن مع الرئاسة فإتصل برئيس الجمهورية ميشال عون، طارحاً عقد لقاء مع جنبلاط لضبط الوضع، قبل يوم من انعقاد الاجتماع ال 18 مع الرئيس المكلف سعد الحريري والذي اتى خائباً، على الرغم من دعوة جنبلاط الى تسوية بينهما،علّها توصل الى درب الحكومة المنتظرة، لان لا شيء يستطيع أن يوقف التدهور إلا تشكيل حكومة في أقرب فرصة ممكنة، بعيداً عن وضع الشروط المتبادلة والتخليّ عن شرط الثلث المعطل، بحسب ما قال رئيس الاشتراكي.

 

جنبلاط الذي كان يفوز في معظم وساطاته عاد خائباً من بعبدا، لكنه تنشّط من جديد تقول مصادر مقربة منه، فطرح مبادرة حكومية قبل ايام على رئيس المجلس نبيه بري، تتألف من 24 وزيراً من دون ثلث معطل، مع التأكيد على رئاسة الحريري للحكومة، وهذه المبادرة اتت بالتوافق مع بري، الذي كان يتجه لطرحها فتبناها على الفور، وهي تنتظر في الكواليس الحكومية، لمعرفة مدى قدرتها على نيل قبول المعنيين بالتشكيلة أي بعبدا وبيت الوسط.

 

الى ذلك تشير المصادر، الى ما يقوله جنبلاط خلال الاجتماعات بكوادره، بحيث يؤكد إصراره على تشكيل حكومة حازمة، تتخذ اجراءات سريعة لتفادي الانهيار الشامل، وهو يطلق المخاوف والهواجس من ضياع الوطن، ويلفت الى وجود صعوبة كبيرة جداً في الاتفاق على تشكيل حكومة، ترضى عون والحريري، لان الشروط باقية والتعنّت كذلك الامر، ويدعو الى عدم مخاصمة احد بعد اليوم، لان المرحلة ترفض التقوقع.

 

وفي آخر لقاء مع الكوادر دعا جنبلاط وبحسب المصادر نفسها، الى تحصين الجبل ومناطقه كافة، من ناحية تأمين الغذاء والمستلزمات الطبّية للاهالي، لان الازمة طويلة الامد، وبالتالي فالوضع مُقبل على ايام صعبة للغاية، داعياً اياهم الى مساعدة الناس، مع الاشارة الى انّ جنبلاط كان اول من اتخذ الاجراءات التموينية، من ناحية تخزين المستودعات قبل شهرين من بدء انتفاضة 17 تشرين، لتوزيعها على اهل طائفته، وهو مستمر في هذا الاطار بتقديم المساعدات الغذائية في الجبل، كذلك الامر النائب طلال ارسلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية اللذين يؤمّنان هذه التقديمات، وفق ما ذكر الاهالي لـ «الديار».