Site icon IMLebanon

وليد جنبلاط والتسوية!

 

يطرح المواطن اللبناني ألف علامة استفهام تستدرجه إلى سلسلة من حلقات مفرغة لأسئلة لا أجوبة لها، وماذا سيكون باستطاعة أي حكومة حتى لو كانت حكومة «سوبر هيرو» أن تفعله؟ لماذا يتمّ الاستخفاف بعقل اللبناني إلى هذا الحدّ؟ هل ستستطيع هذه أي حكومة تشكّلت أم لم تتشكّل إجراء الإصلاحات المطلوبة دولياً؟ والوزراء أكانوا متخصصين أو مستقلّين سيكونون آتين من دون خطّة جاهزة لتنفيذ أيّ إجراء إصلاحي وحتى ولو سلّم لهم صندوق النقد الدولي خطّة مفصّلة على قياس لبنان وجاهزة للتنفيذ فمن وأيّ سلطة ستنفّذها، أليْست هذه كلّها أسئلة لا تجد من يجيب عليها بشفافيّة ووضوح وصدق بعيداً عن الكذب والخداع والمواربة؟

 

الأوربيّون ودول العالم عموماً لا يفهمون أنّ الدولة ومؤسساتها عندنا بنيت منذ نشأتها لتكون عبارة عن «حشوة» من الطوائف والأزلام وإذا اتخذ قرار بتسريح موظّف ستقوم قيامة طائفته وستلوح الفتن الطائفيّة في الأفق، الإصلاح الإداري كان واحداً من العناوين الكبرى التي جاءت بها أولى حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري، على أساس كان الإصلاح من أكثر الأمور المطلوبة لتجديد دماء الإدارة، وقد حاول فعلاً أن يقوم بإصلاح إداري فكانت النتيجة أن دفع الثمن بضعة أبرياء في بعض الوزارات من طائفة الرئيس الحريري وعندما حاول الإقتراب من بضعة موظفين محسوبين على حركة أمل قامت القيامة وانتهى الإصلاح  مات وقبر وصرف النظر عنه…

 

تطالب الدول لبنان بإصلاح وهو أمر مستحيل، يعتقد الأوروبيّون أن أي وزارة في لبنان مترهلة بالإمكان إصلاحها عبر تشحيل أعداد الموظفين فيها وتقليص نفقاتها، للمفارقة يكون دائماً من  نصيب الفرنسيّين دائماً أن يجرّبوا في الوقت الأميركي الضائع ، سبق وعشنا محاولاتهم التي قادت لبنان إلى كارثة عامي 1989 و1990، مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتهت بالفشل حتى تفجير بحجم تفجير المرفأ وتدمير نصف بيروت لم يستطع أن يؤدّي أي مهمّة لا على مستوى تشكيل «حكومة مهمّة» ولا على مستوى تغيير بقدر ذرّة من العقليّة العبثيّة التي تحكم لبنان، صحيح أن الفرنسيّين أنشأوا بموجب «سايكس ـ بيكو» عام 1920 دولة لبنان الكبير، لكنّهم لا يعرفون في أي مجاهل أصبحت دولته التي تخلخلت بنيتها بالطوائف والمذاهب والميليشيات، فبأي حكومة يطمعون ويُطمّعون اللبنانيّين؟!

 

أسوأ ما ترددت أصداءه خلال اليومين الماضيين كلام «الانسحاب» الذي يمارسه من حين لآخر النائب السابق وليد جنبلاط، كلامه الغريب المقتضب والغامض الذي يطالب به الرئيس سعد الحريري بالاستسلام تحت مسمّى «التسوية» لا نعرف في أي خانة ندرجه عندما يدعو جنبلاط الحريري إلى التنازل من دون أن يقول لنا عن ماذا سيتنازل سعد الحريري بعد؟ ألم يتنازل بما فيه الكفاية الرّجل دوناً عن جميع الفرقاء، ما التنازلات التي قدّمها وليد جنبلاط حتى يطالب الآخرين بالتنازل، لا يستطيع وليد جنبلاط الذي يعيش بهواجس «انقراض أقليّته» كما بشّر يوماً الدّروز والموارنة، عقليّة الخوف هذه مفصّلة على قياسه باعتبار أنّه يمارس سلوك الثعالب في السياسة، ولا يستطيع جنبلاط أن يطالب قيادة طائفة كبرى ترأس السلطة التنفيذيّة للبلاد بالتنازل من أجل التسوية، التنازل من أجل من؟ والتسوية مع من؟