Site icon IMLebanon

“كولومبوس” 2021… من المختارة إلى مملكة بوتين

 

بات لبنان يتأرجح بين لعبة شدّ الحبال الداخلية بقيادة الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، وبين الصراع الإقليمي والدولي على أرض المنطقة والذي يرسم ملامح المرحلة المقبلة.

 

على رغم موجات التفاؤل بقرب ولادة الحكومة، إلا أنّ الأمور لا تزال تراوح مكانها، إذ إن ما عجز عن فعله إنفجار 4 آب من تحريك لضمائر القادة ومن ثمّ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لن تستطيع حلّه مبادرة لرئيس مجلس النواب نبيه برّي بتكليف من الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله.

 

وفي هذه الأثناء، يترقّب العالم القمّة المهمّة التي ستُعقد بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي جو بايدن في منتصف حزيران في موسكو، والتي ستقررّ أو ستضع خريطة طريق لعدد من ملفات المنطقة والعالم.

 

عام 2008، وبعد انتخاب المرشح الديموقراطي باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأميركية خلفاً للرئيس الجمهوري جورج بوش، قرّر رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط السفر إلى واشنطن لإستشراف ملامح المرحلة المقبلة، فوصف رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” آنذاك العماد ميشال عون رحلة جنبلاط الأميركية برحلة كريستوف كولومبوس الإستكشافية، خصوصاً وأن الحديث كان قد بدأ في تلك المرحلة عن تخلّي واشنطن عن دعم قوى 14 آذار وإعادة الإنفتاح على النظام السوري، الذي كان يواجه عزلة عربية ودولية بسبب إتهامه بالضلوع بجريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

يعود المشهد اليوم إلى ما كان بعد إنتخاب أوباما، فالإدارة الاميركية تغيّرت وذهب الجمهوري المتشدّد دونالد ترامب وحلّ محلّه الديموقراطي الوسطي جو بايدن، وبات الكلام عن قرب إتفاق نووي مع إيران في فيينا حديث الساعة، كذلك فإن النظام السوري يخرج من عزلته قليلاً على رغم مندرجات قانون “قيصر”، وهناك محاولة لإعادة ترميم العلاقات السعودية – السورية.

 

وأمام كل هذه الوقائع يجد جنبلاط نفسه مضطراً للسفر إلى الخارج لفهم ما يدور في المنطقة، وكيف ستكون الصورة الجديدة خصوصاً وأن لقاء بوتين وبايدن سيضع النقاط على الحروف، وبما أنّ الرحلة إلى واشنطن باتت صعبة، فإن موسكو باتت أقرب إلى جنبلاط، فأميركا تُغلق أبوابها بوجه معظم الطبقة السياسية اللبنانية ومن ضمنها قوى 14 آذار سابقاً، لأنها تعتبر أنها لم تكن على قدر المسؤولية وفرّطت بكل الدعم الداخلي والخارجي لها، ولم تستطع فعل شيء في مواجهة تمدّد نفوذ “حزب الله” وإيران في لبنان.

 

وإذا كانت رحلة جنبلاط الروسية في هذا الشهر تأتي ضمن سياق لقاءات المسؤولين الروس مع القيادات اللبنانية، وقد سبقه كل من وفد “حزب الله” والرئيس المكلف سعد الحريري والنائب جبران باسيل، فإن جنبلاط يريد أن يعرف ماذا سيحل بهذا البلد وعلى أي برّ سيرسو، وما هو دور موسكو في المرحلة المقبلة، وهل سيدخل لبنان في سوق التسويات الإقليمية ويُعاد تلزيمه إلى النظام الإيراني و”حزب الله” ضمناً، بعدما كان لُزّم بعد “اتفاق الطائف” إلى النظام السوري؟ وكذلك يريد جنبلاط أن يعرف دور “الحزب” في المرحلة المستقبلية سواء في الداخل أو الإقليم، إضافةً إلى مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد الذي يحظى بغطاء روسي كامل.

 

يبدو جنبلاط من أكثر المتشائمين من الوضع اللبناني ويعتبر أننا وصلنا إلى الإنهيار والحكومة لا تزال بعيدة المنال، لذلك فإن هذه التعقيدات السياسية والإقتصادية تُضاف إلى تعقيدات المنطقة لتفجّر أزمة كبرى يجب تداركها، وإلا فلا أحد قادراً على وقف مسلسل الإنهيار.