IMLebanon

خلط أوراق سياسية وانتخابية في المختارة…

 

علاقة جنبلاط مهتزّة مع الحلفاء… و«قوية» مع الخصوم

 

يلاحظ المتابعون لمواقف المختارة في هذه المرحلة، ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أعاد خلط العديد من أوراقه السياسية، بشكل لم يعد أحد قادرا على تمييز ماذا يريد جنبلاط، فاصبح واضحا ان علاقته مهتزة او غير مستقرة مع الحلفاء، يقابلها علاقة قوية او مقبولة مع خصومه التقليديين، ينطبق ذلك على موقعه مع رئيس الجمهورية، فخلافا للمراحل السابقة يلتزم جنبلاط هذه الفترة سقفا سياسيا مهادنا وخطابا هادئا أكثر من اي وقت تجاه الأطراف والقوى السياسية التي لم يكن يتفق معها سياسيا قبل فترة، حيث يهادن الى حد ما العهد ولا يتعرّض بقسوة للتيار الوطني الحر كما كان يفعل فيما مضى.

 

كان لافتا لقاء جنبلاط برئيس «حزب التوحيد» وئام وهاب، بعد فترة طويلة من الخلاف والمعارك الدرزية والسياسية، في حين انه لا يوفر «القوات» و»المستقبل» من انتقاداته السياسية من فترة الى أخرى، فيحتار المتابعون لمسار المختارة، إذا كان جنبلاط ينصح الرئيس المكلف سعد الحريري بالاعتذار قبل حصول الارتطام الكبير ليربح الحريري نفسه، ام انه يقدم النصيحة لأهداف سياسية أخرى، ويُصوّب البيك الدرزي في الوقت نفسه على رئيس «حزب القوات» سمير جعجع في اكثر من محطة.

 

زيارة رئيس «حزب التوحيد» وئام وهاب الى دارة جنبلاط قبل فترة طرحت تساؤلات، خصوصا ان وهاب ينتمي الى الفريق السياسي الآخر ومن صقور فريق 8 آذار، عدا كونها زيارة لافتة في الشكل والتوقيت السياسي على أبواب اللحظة الحكومية الحاسمة والانتخابات النيابية، ليتبين ان لا علاقة لها بالتموضعات السياسية، خصوصا ان اجتماعات تكثفت في الاسبوعين الماضيين بين «التوحيد» والحزب «الديمقراطي اللبناني» وحزب الله وشخصيات مهتمه بالانتخابات، ولا تدور في فلك «المستقبل» في مناطق الجبل والشوف وعاليه وبعبدا، لوضع خريطة مختلفة للانتخابات بما يضمن عدم تكرار خلافات فريق 8 آذار مرة جديدة وما حدث مثلا مع رئيس «التوحيد» في انتخابات 2018.

 

وفق مصادر سياسية مطلعة. من المبكر الحديث عن انتخابات من اليوم، خصوصا ان وضع البلاد مُعلّق على حافة السقوط ولا يعرف شكل الانتخابات وموعدها، كما انه من الواضح ان جنبلاط لم يقرر بعد اذا كانت تحالفاته ستتجه نحو خلده والجاهلية، ام يعيد خلط الأوراق مع «المستقبل» و»القوات».

 

من المبكر، كما تقول اوساط درزية، الدخول في الحسابات الانتخابية، الا ان جنبلاط يتكتم، وحركته يلفّها الغموض بانتظار جلاء الصورة الإقليمية اكثر، وهو يبدو مندفعا لتحصين بيئته ومتابعة شؤون الناس بشكل مباشر ودقيق منه شخصيا ، بعد ان تولى الحزب الاشتراكي متابعة الوضع الصحي لـ»كورونا» في المناطق الدرزية ورصد الحالات الاقتصادية الحرجة في مناطقه، فقام بانشاء مخازن للمواد الغذائية، وحاجات الناس تكفي لأشهر وربما سنوات.

 

فلا شيء في حسابات الزعامة الدرزية يوحي بالطمأنينة، وان الأمور سوف تمر على خير، كما يقول مقربون من المختارة، حيث يمكن ان يتسبب الانفجار الاجتماعي بنتائج كارثية، وهذا ما دفع جنبلاط قبل فترة الى عملية تقييم وإجراء تعديلات سياسية، فكسر الجمود القاتل مع بعبدا بعد مرحلة طويلة من القدح والذم بحق رئيس الجمهورية وصلت الى دعوة الرئيس للاستقالة والمغادرة داعيا العهد «لينتحر وحده».

 

فالتواصل مع بعبدا في حينه، شكل ضرورة على الرغم من الاختلاف السياسي والكيمياء مفقودة دائما مع رئيس الجمهورية ميشال عون، من دون ان يعني ذلك التوصل الى توافق طويل الأمد، انما انطلاقا من ضرورة ايجاد مساحة للتقارب وانجاز تسوية ما وتجربة تعايش على الرغم من استحالتها عمليا الى حين انتهاء الولاية الرئاسية، فاذا اكتفى جنبلاط بالهدنة كما يعتبر البعض، فانه يفعل ذلك على مضض او لأنه يخطط لشيء ما على المدى الطويل ، فجولات «العنف» التي كان خلالها يدعو جنبلاط الرئيس للاستقالة محفوظة في الأرشيف وذاكرة اللبنانيين.

 

ويعتبر كثيرون، ان استتباب الوضع اليوم، لا يعني إلا الهدنة اللازمة المؤقتة ولزوم المرحلة السياسية المعقدة، فلاحقا، الأمورمرشحة في أي وقت لأن تعود الى حالها السابق، فالخلاف بين كليمنصو وبعبدا لا يمكن ضبطه بسهولة او ان يصل الى نهاية، فالخلاف عميق وخارج عن السيطرة على خلفية الحملات التي يشنّها رئيس الحزب الاشتراكي ضد العهد ورئيس التيار جبران باسيل من دون مراعاة ضوابط وأدبيات العلاقة، فالتجاذب بين كليمنصو وبعبدا يتصل بمزيج «من الشخصي» القديم الذي يعود الى سنوات، حين وصف جنبلاط عودة عون بالتسونامي والحديث المتعلق بالتأليف والحصص الحكومية والانتخابات النيابية، وقد شكل الملف الحكومي والضغط على الرئيس المكلف سعد الحريري في موضوع التأليف وعرقلة التتشكيل عاملا استفز المختارة، حيث يعتبر جنبلاط ان العهد يناور مع الحريري لجره الى شروط ووحدة المعايير، ولم يتردد جنبلاط اكثر من مرة بدعوة الحريري الى الاعتذار عن التشكيل بقوله» دعهم يشكلون وحدهم»، في إشارته الى العهد وحزب الله، إلا ان جنبلاط يُحيّد دائما حزب الله ويستثنيه من التصعيد وحفلة التنمر التي يتعرض فيها جنبلاط للعهد وباسيل من دون سائر الأفرقاء.