IMLebanon

التوتر ينتاب غالبية القوى السياسية على عتبة الدخول في مدار الانتخابات

 

هل رصد جنبلاط إشارات من خلف البحار حملته على التصعيد بوجه «حزب الله»؟

 

ما هو متوافر من معطيات ووقائع يومية على الساحة الداخلية يشي بأن الأزمة في لبنان بكل تشعباتها السياسية والاقتصادية والمالية قابلة للتفاقم والتعقيد، حيث أن القوى السياسية تقف عاجزة أمام أية مقاربة جدية وفاعلة للملفات المطروحة والعمل على معالجتها، كون أن بعض هذه الملفات تكاد تكون الحلول لها خارجة عن السيطرة الداخلية وهي بحاجة إلى متغيرات على المستوى الخارجي لاحتوائها.

 

ما من شك أن الأزمة التي اندلعت مؤخراً بين لبنان ودول الخليج على خلفية كلام كان قد قاله الوزير جورج قرداحي حول حرب اليمن قد زادت الطين الداخلي بلة، وفاقمت من الكباش السياسي الذي هو في الأصل بالغ الحدة حيال الكثير من المواضيع، كما أن هذه الأزمة زادت أيضاً من حالة الإرباك الموجودة لدى غالبية القوى السياسية وجعلتها حائرة حول ما يمكن أن تقوم به للحد من انفلاشها لأن تأثيرات ذلك في هذا الوقت ستكون كارثية على الوضع اللبناني من مختلف جوانبه، وهذا ما حمل جامعة الدول العربية إلى إيفاد بعثة لها برئاسة الامين العام المساعد للجامعة حسام زكي الذي جال على المسؤولين بحثاً عن الحلول لتهدئة الأزمة بين لبنان وأشقائه العرب وخصوصاً المملكة العربية السعودية، وقد قررت الجامعة القيام بهذه الخطوة بعدما وجدت أن هناك انسداداً كاملاً في ايجاد مخرج لهذه الأزمة. وإذا كان على لبنان الانتظار لما ستسفر عنه زيارة زكي الذي سيقوم ببلورة مواقف من التقاهم من المسؤولين اللبنانيين ورفع تقريره بذلك إلى رئاسة الجامعة العربية، فإن مصادر سياسية متابعة لا ترى حلاً سريعاً لهذه المشكلة التي باتت على حد تعبيرهم بحاجة إلى حل جذري منعاً لتكرار ما حصل، وهذا الحل غير موجود في قبضة اليد في الوقت الراهن، سيما وأن التعويل على تقدم المفاوضات الإيرانية – السعودية بدأ يتراجع بعدما كشف ما سرّب من معلومات بأن المطبات الكبيرة لا تزال تعترض سبل أي تقدم بين الجانبين، لا بل إن الوضع بات اكثر تعقيداً من أي وقت مضى، وأن الاتصالات التي جرت بين الجانبين بالواسطة قد اصطدمت بحائط مسدود، وفرملة الحراك الذي كان قائماً بهدف تفعيل التواصل بين المملكة وطهران وصولاً إلى الجلوس إلى الطاولة وجهاً لوجه والتفاهم على كل الملفات الخلافية وبالتالي اعادة العلاقات بين الجانبين إلى طبيعتها.

 

الحكومة باقية بمباركة إقليمية ودولية… وميقاتي قد يلجأ إلى جمع مجلس الوزراء بالمفرق لمتابعة الملفات الملحة

 

وفي تقدير مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن الوضع في لبنان بلغ درجة عالية من التأزم على المستويات كافة في ظل غياب أي طروحات بشأن المعالجات المطلوبة، وأن هذا التأزم سيرتفع منسوبه مع قابل الأيام في ظل التوتر الذي ينتاب غالبية القوى السياسية من مسألة الانتخابات النيابية المجهولة المصير بالرغم من تحديد موعد 27 آذار لإجرائها.

 

وفي تقدير المصادر ان الموقف الناري الذي اطلقه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط في باتجاه «حزب الله» بعد فترة من المهادنة قد عكس خطورة التأزم الذي بلغه لبنان، مشيرة إلى امكانية ان يكون جنبلاط قد تلقف اشارات معينة من خلف البحار حملته إلى هذا الحد من التصعيد الذي سيكون له بالتأكيد ارتداداته على الساحة الداخلية في الأيام المقبلة، متوقعة ان يأتي الرد على جنبلاط من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ستكون له اطلالة يوم الخميس المقبل يتحدث فيها عن مجمل التطورات وسيكون لحزب الله موقف صارم من التطورات، إن على المستوى القضائي أو على مستوى الأزمة القائمة بين لبنان والدول الخليجية، ومن شأن المواقف التي سيطلقها ان ترسم معالم المرحلة المقبلة.

 

وتعتبر المصادر السياسية ان مروحة الأزمات في الداخل اللبناني ستبقى مفتوحة في ظل حوار الطرشان الحاصل حول مقاربتها كلما اقتربنا من موعد اجراء الانتخابات التي لا تزال مجهولة المصير مع أن هناك إصراراً من قبل المجتمع الدولي على إجرائها، ومرد ذلك أن الانشطار السياسي الموجود يربك القوى السياسية التي تستعد لخوض غمار هذه الانتخابات بفعل الصعوبات التي تواجههم على صعيد حياكة التحالفات المطلوبة لتأمين حصد اصوات تؤهلهم الحفاظ على مكاسبهم ومواقعهم في الندوة البرلمانية، وهذا الأمر يؤشر إلى اننا سنكون امام معركة سياسية ضروس وعض اصابع في الثلاثة اشهر المقبلة في اطار تحضير البيئة الحاضنة المساعدة على خوض العملية الانتخابية.

 

وحول مصير الحكومة تؤكد المصادر ان الحكومة باقية بمباركة اقليمية ودولية، واذا كان الرئيس ميقاتي يجد صعوبة حالياً في جمع مجلس الوزراء إلى الطاولة فإنه يحاول الاستعاضة عن ذلك بجمع الوزراء بالمفرق من خلال محاولة تشكيل لجان وزارية تكون مهمتها متابعة الملفات الملحة، مع ملاحظة مهمة انه بالرغم من مخاطر ما يجري بين لبنان ودول الخليج فان الرئيس ميقاتي حتى هذه اللحظة لم يستخدم مصطلح الاستقالة، ومرد ذلك إلى ان موضوع هذه الاستقالة لم يُطرح لا على المستوى الاقليمي ولا الدولي، ويعود هذا التمسك بالحكومة من قبل دول القرار إلى كون ان الدول المعنية بالملف اللبناني تنتظر حدوث امر ما على مستوى الاقليم، اضافة إلى اصرار هذه الدول على اجراء الانتخابات النيابية التي يرون فيها الطريق باتجاه احداث تغييرات جذرية من شأنها ان تقلب الصورة السياسية في لبنان رأساً على عقب، على غرار ما حصل في الانتخابات العراقية.