«ليست انعطافة، هذا نهج مستدام».
بهذه العبارة استهل الصديق، الديبلوماسي الغربي، حديثه معي، معقّباً على الوصف الذي أطلقه السياسيون والمحللون والمراقبون، في لبنان، على الحراك الأخير بين الوزير وليد جنبلاط وحزب الله.
وأوضح كلامه: الانعطافة أو التقلب في المواقف لا ينطبق على السيد جنبلاط، لأن ما جرى من اتصال، بمبادرة منه، مع الحزب هو تأكيد على المسار السياسي الذي ميّز حياته السياسية منذ أن ارتدى عباءة الزعامة وحتى اليوم، وبالتالي ليس غريباً أنه اتخذ هكذا مبادرة، بل الغرابة في أنه تأخر في اتخاذها حتى الحين.
سألته عما لديه من معلومات حول ما دار في لقاء الـكليمانصو؟
أجاب، متخابثاً: أنا مَن يجب أن أسألك، فأنتم هناك (في لبنان) على مقربة من الحدث، وأنا هنا (في بلده) بعيد… ولكنه عاد إلى الجدية، وهو الذي يعرف أنني أعرف مصادر معلوماته جيداً، وقال: أكتفي بهذه الكلمات «ما دار من حوار في كليمانصو أكثر مما أباح به الطرفان وأقل مما ذهبت إليه مخيلة بعض الصحافيين عندكم».
وعدتُ أسأل: ليس من عادتك التكتم معي، فهل تناول الحوار اسماً أو بضعة أسماء في مجال الترشح لرئاسة الجمهورية؟
أجاب: عندما تصل المباحثات بين الجانبين إلى هذه المرحلة، فهذا يكون في لقاء يُعقد في حارة حريك. وأضاف: لقد أراد كلٌّ من جنبلاط ومحاوريه أن يوصل إلى الطرف الآخر «مواصفات» مَن لا يريد أن يراه وصلاً إلى قصر بعبدا، ودائماً من دون ذكر الأسماء… وبقَدْر ما كانت هذه المواصفات دقيقة صحّ فيها قول فنانتكم العظيمة فيروز، التي أنا من أشد المتابعين إعجاباً بها: «سمّى الجيري وسمّى الحيّ ولولا شوي سمّاني».
وسألته مجدداً: ومتى سيكون، في تقديرك، اللقاء التالي؟
أجاب: عندما يقتنع السيد حسن نصرالله بأن المحاولات الأميركية لدى جنبلاط، لدفعه إلى التراجع عن الموقف المستجد، لم تحقق غايتها.
ملاحظة: أود أن أشير إلى أن مُحبّ لبنان، صديقي الديبلوماسي الغربي، لا يعتبر مواقف جنبلاط «المتقلبة» خطأً سياسياً، بل يصل إلى اعتبارها مهارة، خصوصاً لدى الأقليات، وهو يفلسف هذه النقطة قياساً إلى علوم السياسة وعِبَر التاريخ والجغرافيا أيضاً.