يحاول رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط لعب دور «بيضة القبان» مجدداً، وهو يستغل التباعد بين حلفاء «حزب الله» من جهة والتشرذم الحاصل بين مكونات المعارضة من جهة ثانية.
حاولت قوى المعارضة أن تحسب «اللقاء الديموقراطي» من ضمن صفوفها وكذلك الأمر بالنسبة إلى كتلة «الإعتدال الوطني» وبعض النواب السنة الذين يعتبرون من قدامى كتلة «المستقبل» النيابية، لكن فات هذا البعض أن جنبلاط هو رجل التقلبات وقراءة التحولات الإقليمية والدولية، كما أن قدامى «المستقبل» لديهم مصالح مع بعض شخصيات 8 آذار.
لا شكّ ان جمهور الحزب «التقدمي الإشتراكي» هو أحد أعمدة 14 آذار، وحتى عندما «برم» جنبلاط باتجاه النظام السوري و»حزب الله» بعد إنتخابات 2009 بقي فكر هذا الجمهور «14 آذاري» بامتياز، لكن بعدما مشى جنبلاط في انقلاب «القمصان السود» على حكومة الرئيس سعد الحريري العام 2011 وشارك في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حصل انشقاق داخل صفوف «اللقاء الديموقراطي» وكان أبرز رموز المعترضين النائب مروان حمادة، فاختار جنبلاط حينها العودة إلى تسمية «جبهة النضال الوطني» لما تبقّى من كتلته.
يُعتبر حزب جنبلاط من الأحزاب القليلة التي لم تتراجع نيابياً بعد انتفاضة 17 تشرين، فكتلته تبلغ 8 نواب ومؤلفة من النواب: تيمور جنبلاط، مروان حمادة، بلال عبدالله، أكرم شهيب، راجي السعد، هادي أبو الحسن، فيصل الصايغ، وائل أبو فاعور، بينما إختار النائب الفائز غسان سكاف البقاء مستقلاً لأن تحالفه مع الحزب «الإشتراكي» في دائرة البقاع الغربي – راشيا كان إنتخابياً.
ومع فتح جنبلاط قنوات الحوار مع «حزب الله» وتخوّف البعض من ان «يقلب» تموضعه، هناك رأي معترض داخل أروقة «اللقاء الديموقراطي» على إمكانية السير بتسوية إنتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، لأن عدداً من نواب «اللقاء الديمقراطي» وحتى كوادر إشتراكية تعتبر أن هذا الأمر يعيد بسط «حزب الله» نفوذه في لبنان مجدداً ويعيد إنتاج حكم العماد ميشال عون إنما بطريقة أخرى.
وفي السياق، فإن جنبلاط لم يعلن أنه يؤيد ترشيح فرنجية أو أي مرشّح رئاسي لـ»حزب الله»، لكنه جاهز للتسوية متى رأى أن القطار يسير ولا يمكنه ان يبقى خارجه.
لكن جنبلاط يرى كيف سيتطوّر المشهد الداخلي والإقليمي والدولي ليبني على الشيء مقتضاه، مع العلم أن المختارة ترى أن الفراغ الرئاسي يقترب بسبب التوازنات الداخلية وغياب الحوار والضغط الدولي.
وأمام كل ما يحصل، فإن ذهاب جنبلاط نحو دعم مرشح «حزب الله» سيُحدث بعض الشقاق داخل بنية «اللقاء الديموقراطي» والذي هو تكتل فيه إشتراكيون وحلفاء لـ»الإشتراكي»، ولكن كما يبدو فإن غالبية نواب «اللقاء»، وليس جميعهم، ستسير بقرار جنبلاط مما يُعزز حظوظ أي مرشح يدعمه، لكن حتى الساعة لا يوجد أي قرار علني لجنبلاط بالنسبة للإستحقاق الرئاسي، في حين أن القرار المحسوم هو عدم الذهاب بمرشح تحدٍّ لـ»حزب الله» أولاً.