لقد ترجمتَ الاقتناع بالفعل وقدّمتَ صورة لبنان الرسالة الحقيقية من المختارة بزواج ابنتك داليا جنبلاط من جوي الضاهر، وكلمتك المؤثرة للعروسين «قد تسمعان كلاماً مُغرضاً او جارحاً، لا تكترثا، أنتما أقوى وأسمى من الرد والمستقبل لكما».
نشكرك وليد بيك لأنك قفزت فوق العوائق وقدّمت رسالة حضارية للبلد، فباركت ان يتزوج اولادك من طوائف مختلفة، مُثبتاً القول بالفعل ومكرّساً مقولة الشهيد كمال بيك جنبلاط : «انّ الزواج المدني هو الطريق السليم الى إلغاء الطائفية».
هناك كثير من الشباب الذين تزوجوا مدنياً في لبنان، منهم من تزوج في الخارج ومنهم من تحدى وتزوج على الاراضي اللبنانية وقاتلَ لتسجيل زواجه، ولكن الصورة من قصر المختارة وَقعها أقوى لأنها أدخلتنا الى مستوى جديد، فهي رسالة من زعيم يمثّل شريحة اساسية في الوطن.
نشكرك وليد بيك لأنك اخترت تحرير عقول شباب المستقبل من تبعات اعراف باتت سلبية، تمنعهم من الحلم والتلاحم الفعلي نحو التطور والمشاركة والانفتاح، وأن تأتي هذه الخطوة من منزل زعيم اساسي هي في حد ذاتها مراجعة ذاتية وتمرد على أخطاء الماضي التي قسّمت اللبنانيين وجعلتهم اسرى محاورهم الطائفية. فالتقارب بين جميع الاطراف يتطلّب شجاعة وتضحيات.
لقد اخترت الطريق الصحيح، ولو انه حافل بالمشقات، لأنك تعرف ان مصلحة لبنان هي في المبادرة الى تمتين وحدته عبر الانفتاح والاندماج، من دون ان تتطلّع الى حسابات ضيقة وتخشى اهتزاز كرسي الزعامة، بل زرعت رسالة الى الجيل المقبل بأن المستقبل لهم وان لا يكرروا الاخطاء الماضية نفسها، مُحرراً جيل المستقبل من اخطاء آبائهم حين قلت: «وحدي أتحمّل وزر الماضي ومسؤولياته».
فهل يعُقل ان تبقى الحواجز بين الطوائف، وهل يُعقل مثلاً ان يكون سهلاً لي ان أزوّج ابني من فتاة في بلد بعيد من بلد مختلف بلغته وثقافته وعاداته لأنها من طائفته نفسها، وفي المقابل أعجز عن تزويجه لابنة جارنا اللبناني من طائفة أخرى والذي ترعرعتُ معه وأشاركه الحي نفسه، الشارع، والوطن واجدادنا عاشوا وناضلوا معاً؟ هل باتت الحواجز بيننا أبعد وأعمق من المسافات التي تفصل بين القارات؟
لقد تخطّيت وليد بيك هذه الحواجز وحيث انك زعيم في هذا الوطن، وكلمتك مسموعة من الجميع بلا استثناء، نتمنى ان تتحول هذه الرسالة عملا جديا بإقرار قانون الزواج المدني الاختياري في لبنان، لمنح شبّان لبنان وشاباته الفرصة نفسها في التحرر والانفتاح والتحام المجتمع.
انّ قرار المجتمع المتعايش الذي يؤدي إلى حياة مشتركة يتطلب التزام الجميع باحترام الحرية الفردية للشخص، علينا ان نكرّس مفهوم تقبّل الاديان بعضها لبعض، وان ديني هو بيني وبين ربي لا أفرضه ولا اجعله عائقاً بيني وبين الآخر، لم يوجدنا الله على هذه الارض لنتقاتل ونتباعد، لا يمكن ان تكون ارادته ان نفترق تحت اسمه، مَن بَثّ التفرقة هو مَن شَوّه كلمة الرب لتحقيق مصالحه الضيقة في السيطرة على الشعوب.
نتمنى استكمال اقتناعاتكم التي تطبقونها بإقرار القانون، فلبنان اليوم بأمسّ الحاجة اليه والّا سيبقى كما قال كمال بيك جنبلاط 18 لبناناً وليس لبناناً واحداً.
وتحمّلونا يا وليد بيك بطلب آخر يضاهي قانون الزواج المدني اهمية، وهو قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، اذا أردنا ان نؤسّس لوطن سليم ومنتج، ونعيد الثقة بين جميع الاطراف، نحتاج الى الشفافية المطلقة التي تجعل من كل اعمال الحكومة مكشوفة ونتخلص من العمل في العتمة وتحت الطاولة.
هذا القانون يستطيع أن ينقل لبنان الى مستوى آخر من الفعالية والانتاجية، نتمنى ان تصبح راعي هذا القانون فهو بحاجة الى أحدٍ من وزنك ليتبنّاه، فكلمتك مسموعة لدى الغرب والشرق، حينها ستقدّم لشبّان لبنان أفضل إنجاز سيشهد لك الجميع به وسيبقى لبنان مديناً لك في نهضته وانتعاشه مجدداً.