IMLebanon

وليد جنبلاط وحليف القاتل

في متابعة للشهادات امام المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه العام 2005، يتبين هذا الكم الهائل من الضغط السوري على الطبقة السياسية اللبنانية، ومحاولة فرض تلك الوصاية مشيئتها على كل مفاصل الحياة اللبنانية، وابتزاز السياسيين في اموالهم ومصالحهم، وحتى في حياتهم الشخصية وأمنهم، وهو أمر يعلمه القاصي والداني في الداخل والخارج، حتى الحلفاء الحقيقيون لم يسلموا من بطش عندما كانوا يحاولون أخذ حيز من الاستقلالية في أي قرار.

يعتبر البعض ان تلك الشهادات هشّمت صورة الحريري الاب بعد وفاته “واستنزفته وحطمت أيقونته”، لانها اظهرته “مرتهنا” للنظام السوري، خاضعاً لكل التعليمات التي ترده سواء من عنجر او من وراء الحدود. ولا اريد في هذا المجال الدفاع عن الرئيس رفيق الحريري، فله ورثة وحزب وماكينة اعلامية للقيام بالواجب، لكن عرض وقائع من تلك المرحلة يؤكد بما لا يقبل الشك حجم القلق الذي كان ينتاب كثيرين من غير الحلفاء الاساسيين للنظام السوري، اذ كانت قرارات كثيرة وكبيرة تفرض عليهم تحت طائلة التهديد والوعيد، وما الشهادات عن رفيق الحريري الا خير مثال على ذلك. وقد أدت ثورة البعض على تلك الوصاية الى تدفيعه حياته ثمنا لها.

في العام 2004 بدأ مسلسل الاغتيالات مع مروان حماده، واستتبعت حلقاته لتحصد كثيرين غيره، من رفيق الحريري وجبران تويني وسمير قصير وبيار الجميل وانطوان غانم ووليد عيدو وباسل فليحان وجورج حاوي ووسام عيد ووسام الحسن ومحمد شطح. واتخذت قيادات 14 آذار احتياطات امنية، فمنهم من غادر البلاد، وآخر لزم منزله، وثالث اقام في فندق. ولزم الرئيس فؤاد السنيورة لاحقاً السرايا الحكومية، وأقام معه هناك عدد من الوزراء. في المقابل كان وزراء ونواب 8 آذار ومسؤولو الاحزاب الحليفة للنظام السوري، يتمتعون بقسط واسع من حرية الحركة، بل انهم كانوا يشمتون بنظرائهم ويدّعون أن هؤلاء يرغبون في الاقامة في فنادق العاصمة او السياحة في الخارج، اذ لا خطر يتهدّدهم. وصارت الماكينة الانتخابية لقوى 8 آذار تشكك في الدوافع الى جرائم الاغتيالات، حتى بلغنا حداً صرنا نظن ان جبران تويني انتحر من تلقاء نفسه.

في احدى المرات، اعرب النائب وليد جنبلاط عن قلقه من التطورات المتسارعة، وتخوف من تصفية جسدية تطاله، واتخذ اجراءات حماية لم يعرفها سابقا، وعندما ابرز مخاوفه بشكل علني، قال له احد محدثيه: اتعرف يا بيك لماذا تخاف؟ سأله: لماذا؟ فأجابه: لأنك للمرة الاولى منذ زمن بعيد لا تكون حليف القاتل، فقد ضغطت على الجرح عند اغتيال والدك كمال جنبلاط وكنت تعرف هوية القاتل، فمضيت اليه تتقي شره، وتحالفت معه ومع الفلسطينيين وغيرهم، حتى اذا ما فككت تحالفك معهم صرت تخاف منهم.